احتفلنا بالذكرى ٦٢ لثورة ١٤ أكتوبر باكثر من احتفال وكلٍ بطريقته، صحيح ان الاحتفال الاكبر كان في الضالع حيث اكدت الحاضنة الشعبية للمشروع الوطني الجنوبي انها موحدة، رغم تباين النخبة الجنوبية، الا ان ذلك لا يلغي ان هناك احتفاءات اخرى تحمل طابع تباين نخبوي جنوبي حذرنا ولا زلنا نحذر من خطورته على وحدة ومستقبل الجنوب.
ستختلف الرؤى الجنوبية حول ما إذا كنا دخلنا التاريخ في ذلكم اليوم او غادناه، ذلك اننا نعتمد العاطفة في الحساب ولا نعتمد على التقييم الواقعي المجرد من العواطف، فجيلنا والاجيال اللاحقة له لم تكن شريكة في صناعته لكن من صنعوه ومن تبعهم من اجيال دفعوا ثمن ستة عقود من المعاناة بمختلف صورها ولعل اكثرها مرارة هي سنوات العقود الثلاثة الاخيرة منذ كارثة الوحدة بما فيها حاضرنا الملي بالفقر والجوع والمرض يجعل الحديث عن الابتهاج الاحتفالي ملهاة بحد ذاتها.
هذا ليس جلدا للذات، لكن التاريخ يستمد خلوده من الذاكرة الجمعية ونحن هنا لا نجحد الآباء والاجداد اجتهادهم ولا نحاكمهم، رغم ان غير جيلنا فعل ذلك، لكننا بحاجة الى تصحيح الاخطاء والخطايا التاريخية كما نفعل الآن مع خطيئة الوحدة دون محاكمة من صنعوها ومن شاركوا في فرضها في ١٩٩٤م.
كثير من رموز الجنوب خلال العقود الستة الماضية من تاريخ الجنوب الحديث غادروا الذاكرة الجمعية الجنوبية لانهم لم بخلدوا شئ ينعم به الانسان الجنوبي سوى شعارات لا تشبع جائعا ولا تعالج مريضا بعضها تسبب في تدمير انتمائنا لمحيطنا العربي كما يفعل الآن الحوثيون (قص ولصق).
على الوجهة الاخرى فان الملك عبدالعزيز آل سعود والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمهما الله، لن يغادرا الذاكرة الجمعية لشعبيهما لانهما وضعا لبلديهما الاسس الراسخة التي انطلق منها الأبناء لدخول العصر، ولكي لا يقال بأن الحكم فيهما وراثي فلنستشهد بنيلسون مانديلا الجنوب افريقي او بول كيجاما الرواندي، فهكذا نتيقن ان الاعمال تقاس بنتائجها لا بالعواطف الآنية وان الاشخاص يُخلدون باعمالهم العظيمة لا بالزوامل والشعارات.
نتمنى ان تأتي ذكرى اكتوبر في العام القادم وقد تحقق للارض الجنوبية الاستقرار، وللانسان الجنوبي ما يليق بانسانيته وكرامته وتضحياته من عيش كريم.
وكل عام والجميع بخير.
عدن
١٥ اكتوبر ٢٠٢٥م