آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-12:34ص

غزة علمت البشرية معنى حب الأرض والتشبث بها وبعظيم التضحيات

الخميس - 16 أكتوبر 2025 - الساعة 11:28 ص
صالح شائف

بقلم: صالح شائف
- ارشيف الكاتب


سيتوقف التاريخ كثيرا وطويلا أمام ما تعرضت له غزة وسكانها؛ وستتحول إلى أيقونة ملهمة لكفاح الشعوب من أجل الحق والحرية والكرامة.

فغزة وتضحيات أهلها فضحت الطبيعة الإجرامية المتوحشة لعصابات القتل التي تحكم إسرائيل؛ وأسقطت السردية الصهيونية عن ( مظلوميتها التاريخية ) ومعاناتها الدائمة من ( عدوانية ) الفلسطينيين ومن كل جيرانها.

وستحل بدلا عنها سردية أصحاب الأرض وما تعرضوا له من إبادة جماعية وممارسة كل أشكال التعذيب والتنكيل وأمام أبصار العالم وسمعه.

وهذا الأمر بحد ذاته يمثل إنتصارا لقضية فلسطين وبأبعادها المختلفة؛ سياسيا ومعنويا وقيميا كذلك لجهة الموقف الإنساني والأخلاقي لدى الرأي العام الدولي.

أنتصرت غزة لأهلها بالدماء والدموع والدمار؛ ولم تُهزم رغم بشاعة وفظاعة ما تعرض له أهلها خلال أكثر من عامين؛ تجرد فيها كيان الإحتلال من كل القيم الإنسانية وداس على القوانين والأعراف الدولية.

غزة كتبت بمداد مأساتها الإنسانية الكبرى وثيقة الإدانة الدولية غير المسبوقة للكيان الصهيوني اللقيط؛ وعجلت بصياغة السلام ( الترامبي ) في شرم الشيخ؛ بعد أن كانت رغبة ترامب بأن يحول غزة إلى منتجع إستثمار عالمي؛ بعد أن يتم تهجير أهلها قسرا إلى خارج أرضهم ووطنهم.

ولقد كان لدور جمهورية مصر العربية وقيادتها الحكيمة والحريصة على قضية فلسطين دورا محوريا هاما وإستثنائيا؛ وكذلك كان للأردن دورها؛ مع رفض الكثير من الدول العربية والإسلامية على هذا الصعيد.

غزة وبإرادة أهلها وصمودهم الإسطوري؛ قدموا نموذجا فريدا في التاريخ لمعنى التشبث بالأرض التي يعيشون عليها؛ ودفعوا من أجل ذلك أغلى ثمن على الإطلاق؛ لا يمكن أن يدفعه بشرا مثلهم على وجه الأرض في عصرنا الراهن.

الفلسطينيون في غزة جعلوا من قدسية الأرض عنوانا لبقائهم على أرضهم؛ لأنها وطنهم ومستقبلهم وسجل تاريخهم الممتد؛ وهي أيضا عنوان جغرافيتهم الدائمة على خارطة الكرة الأرضية؛ لأنه لا عنوان آخر يمكن أن يدل على وجودهم.

غزة هزمت آلة التدمير العسكرية الإسرائيلية ووحشيتها؛ وصمدت ببسالة غير مسبوقة في التاريخ؛ رغم عظمة التضحيات المهولة والجوع والحصار وظروف العيش غير الإنسانية التي تفوق أي وصف يمكن أن يقال عنها.