لا يمكن أن نعود للوراء لنصنع بداية جديدة إلا أنه يمكن أن نبدأ من الآن في صناعة نهاية جديدة.
مستشفى مودية مر بسنوات من التقصير والإهمال وظل الناس يكابدون ويعانون أقسى المعاناة من توافر الخدمات الصحية والطبية، فجميع الإدارات المتعاقبة حاولت النهوض بالمستشفى لكن دون جدوى بسبب الاخفاقات المتراكمة منذ عقود متوالية والتي أحبطت جميع الجهود المبذولة، فتحول ذلك الإهمال إلى فوضى صحية عارمة مما شكلت تهديداً مباشراً لحياة المرضى والمرتادون إليه.
غير أن زيارتي اليوم مصطحباً زوجتي لمستشفى مودية أعطى انطباعاً آخر وأملاً يلوح في الأفق البعيد.
حيث سعدت كثيراً بلقاء طبيبة النساء والولادة ذات الروح الطيبة هويدا عدلان سودانية الجنسية وطاقمها الطبي المتكامل من القابلات، وتقديم خدمات ورعاية صحية وطبية متكاملة للمرتادات من الحوامل والوالدات، وكذا عيادة متنقلة في قرى المدينة لمعاينة الحوامل وبدعم مؤسسة يمان.
توجهت لقسم العمليات ووجدت الطبيب الجراح عبدالمنعم العاقل صاحب اليدين التي أنفقت عمراً في خدمة الناس، فوجدته منشغلاً بعملية جراحية في الرأس، فقد عرفته طبيباً بارعاً وبصماته في شمول المنطقة ككل، وتقديراً مني واحتراماً له واعترافاً بمهنيته العالية في استئصال ورم حميد في ظهري وغضروف آخر من قدمي.
وجدت أخصائي الأطفال الطبيب الإنسان سامح الجبل متنقلاً ما بين قسم ترقيد الأطفال وعيادته المزدحمة بالمرضى، وسمعت أنين الأطفال وهديل الأمهات وصخب الممرضات، وكان منشغلاً في عمله الدؤوب والمتفان كعادته ودون كلل أو ملل، والتمست حينها محبة الناس لسامح وحب سامح للمنطقة.
نشيد بقسم الأمومة والطفولة الذي ظل شامخاً دون إنهيار في ظل ظروف البلاد المتوالية، وتقديمه رعاية صحية فعالة وآمنة للأطفال والأمهات، أضف إلى ذلك قسم الطوارئ والمختبر الطبي وجدتهم يعملون بحيوية ونشاط وعلى قدم وساق ويقدمون خدمات صحية وطبية متكاملة للمرضى، غير أن قسم الأشعة يعاني من نقص الأفلام.
أصطحبت معي في زيارتي للأقسام مدير المستشفى أحمد شجر فرأيت فيه حسن القيادة للمنظومة الصحية يدير المواقف ويوجه الموظفين مثل قائد الأوركسترا الذي يقود الموسيقيين ببراعة.
ندعو السلطة المحلية بمودية إلى توافر وتظافر الجهود وبذل العطاء كون الصرح يعاني من شح الإمكانيات.
ونناشد المنظمات الدولية ورجال المال والأعمال إلى الالتفاف وبذل العطاء للنهوض بالمستشفى وتخفيف معاناة الناس في المنطقة.
ننوه للجهات الداعمة أن زمن البلطجة وفرض السيطرة على ممتلكات المستشفى انتهى تماماً بوجود رئيس قسم الحراسة الحصن المنيع سامر عبدالحكيم الظهر.
معا من أجل النهوض.
رحم الله الطبيب الإنسان محمد ناصر المشرقي وأسكنه الجنة.