آخر تحديث :السبت-25 أكتوبر 2025-02:10ص

الفرق بين الاحترام و التقدير.

الأحد - 19 أكتوبر 2025 - الساعة 01:59 م
د. عارف محمد عباد السقاف

بقلم: د. عارف محمد عباد السقاف
- ارشيف الكاتب


كثيرا ما يخلط الناس بين مفهومي الاحترام والتقدير، رغم أن بينهما فرقا دقيقا في المعنى والمضمون.

فالاحترام هو شعور ثابت نابع من إدراك قيمة الإنسان لكونه إنسانا، بغض النظر عن موقعه أو مصلحته أو ما يقدمه للناس من حوله. إنه تعامل قيمي وأخلاقي، يعكس تربية المرء ومبادئه، ويظهر في طريقة الحديث والتصرف والتعامل. أما التقدير فهو شعور متغير يرتبط بما يقدمه الشخص من مواقف وأفعال وإنجازات، وهو قابل للزيادة أو النقصان بحسب سلوك الطرف الآخر ومدى التزامه بوعوده ومسؤوليته.


فعندما تحترم شخصا وتقدره في الوقت نفسه، فأنت تجمع بين الإعجاب بأخلاقه والاعتراف بجميله أو جهده. لكن إن اخلف بوعده في أمر تستحقه ولم يف به بسبب تعرضه لضغوط أو مواقف اضطرته للتراجع حفاظا على مصلحته، فهنا يتباين الموقف:

الاحترام بينكما يبقى ثابتا إذا كانت نية الشخص صادقة ولم يقصد الإخلال بوعده، لأن الاحترام مبني على المبدأ لا على المصلحة. أما التقدير فقد يتأثر مؤقتا، لأن التقدير يرتبط بالنتائج، وقد يضعف عندما لا تتحقق الوعود أو تخلف التزامات.


إن الله تعالى في القرآن الكريم وضع ميزانا دقيقا في التعامل مع مثل هذه المواقف، فدعا إلى الوفاء بالعهود، فقال تعالى:

"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1]،

وفي الوقت نفسه دعا إلى التسامح والعفو عند العذر، فقال تعالى:

"والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" [آل عمران: 134].

فهذان التوجهان يربطان بين العدالة في الحكم على الأفعال، والرحمة في التعامل مع الإنسان.


من هذا المنطلق، ينبغي أن نفهم أن الاحترام قيمة أخلاقية دائمة، أما التقدير فهو شعور مكتسب يتأثر بالأفعال والنتائج. وعندما يعجز شخص عن الوفاء بوعده بسبب ضغط خارجي، فإن احترامه لا يسقط ما دام صادق النية ومهذب الأسلوب، لكن تقديره قد يتراجع حتى يثبت مجددا أنه أهل له بالفعل لا بالكلام.


فالاحترام أساس العلاقات الإنسانية الراسخة، والتقدير ثمرة تقطف حين يثبت الإنسان التزامه ووفاءه. وكما يعلمنا القرآن، فإن العدل في الحكم والرحمة في المعاملة هما طريقنا لحفظ التوازن بين القلب والعقل، وبين الوفاء والصفح.