آخر تحديث :الأربعاء-05 نوفمبر 2025-11:55م

الرباعية تُبقي الحوثي حاكمًا بالأمر الواقع.. والجنوب يدفع الثمن

الأحد - 26 أكتوبر 2025 - الساعة 05:02 م
جميل محمد الشعبي

بقلم: جميل محمد الشعبي
- ارشيف الكاتب


تتزايد القناعات في الأوساط السياسية والإعلامية بأن الرباعية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لا تريد تحرير صنعاء من قبضة الحوثي، بل تسعى إلى فرض واقع سياسي جديد يُبقي الجماعة حاكمًا فعليًا في الشمال، ويفرض على الجنوب القبول بالشراكة معها وفق خارطة الطريق التي صاغتها "الشقيقة الكبرى".


فما يتعرض له أبناء الجنوب اليوم – من تضييقٍ ومعاناةٍ معيشيةٍ وتعذيبٍ ممنهجٍ – ليس سوى سياسة تركيعٍ مدروسة تهدف إلى إجبارهم على القبول بتلك الخارطة، التي تسعى لإشراك الحوثي في السلطة، رغم ما ارتكبه من جرائم بحق أبناء الجنوب.


ولو كانت هناك نية حقيقية لتحرير صنعاء، لكانت القوات قد دخلت الحديدة عام 2018م، حين كانت على مشارف النصر. لكن ما حدث هو العكس تمامًا، إذ تم إيقاف العمليات فجأة، ليُمنح الحوثي فرصة لإعادة ترتيب صفوفه.


خمسون يومًا من الضربات الأمريكية، تبعتها هجمات إسرائيلية، لم تُحدث أي تغيير في البنية العسكرية للحوثي. في المقابل، إسرائيل خلال أحد عشر يومًا فقط اخترقت الأجواء الإيرانية وأسقطت كبار قادتها، بينما التحالف الأمريكي أسقط نظام صدام حسين – وهو جيش نظامي خاض حروبًا طويلة – خلال خمسةٍ وأربعين يومًا فقط.

النتيجة واضحة: ما يجري هو تدليلٌ مقصودٌ للحوثي، وإبقاؤه طرفًا قويًا، لأن من أوصله إلى هذا الوضع هي الرباعية نفسها.


اليوم، يعاني الجنوب من حرب خدماتٍ مدمّرة: انقطاع المرتبات، انهيار العملة، وغلاء فاحش يُنهك المواطن. وكل ذلك ليس صدفة، بل وسائل ضغط سياسية لإجبار الجنوبيين على القبول بخارطة الطريق، وإدماج الحوثي كشريك في الحكم.


التحالف يدرك جيدًا أن من وقف سدًّا منيعًا أمام التمدد الفارسي، وحرّر أرضه منذ اليوم الأول، هم أبناء الجنوب – جيشًا وشعبًا وأمنًا – ولهذا بات الجنوب اليوم العقبة الأصعب أمام تنفيذ تلك المخططات.


ويبدو أن المملكة لم تعد تنظر إلى الحوثي كذراعٍ إيرانيةٍ معادية، بل كحليفٍ محتملٍ يمكن التفاهم معه، وهو ما تؤكده اللقاءات والحوارات السرية الجارية بين الجانبين.


إن كل الشواهد على الأرض تؤكد أن ما يجري ليس تمهيدًا لتحرير صنعاء، بل لترسيخ الحوثي كحاكمٍ بحكم الأمر الواقع، بينما يُستخدم الجنوب كورقة ضغط لإجباره على القبول بتسوية مفروضة.


وستُثبت الأيام صدق ما نقول.