تفاءلنا خير في بادئ الأمر عند تغيير رئيس الوزراء ونزول الأسعار الغذائية، وقلنا لعلّها بداية مرحلة جديدة تُبنى على رؤية عمل حقيقية وتوافق وطني يجمع الأطراف تحت مظلة واحدة تخدم مصلحة البلاد، خصوصًا بعد الظهور القوي لبن بريك.
لكن سرعان ما تغير التفاؤل الى واقع أكثر تعقيد.. انقطاع المرتبات وانعدام الخدمات، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، بينما لم تنخفض الأسعار إلا بنسبة لا تكاد تذكر.
وهنا تتضح جزئية من الحقائق أن لا توافق بين الأطراف، ولا رؤية مشتركة تجمعهم حتى على مستوى القرار.
لا تغير للمشهد نفسه الذي اعتاده الشعب منذ سنوات، مؤتمرات تعقد ولا تثمر، ووجوه تتبدل دون أن يتبدل معها شيء.
وكأننا ندور في دائرة مغلقة، لا مخرج منها إلا إلى داخلها.
وسيفان في غمد لا يجتمعان، وكلما كثر عدد الأطراف تشتت القرار وضاعت. وهذا بديهي لأن التعدد لا يقوم على توافق، أكثر مما يتحول إلى تنازع،
ما لم يكن هناك طرف يملك الشجاعة والرؤية لتوحيد الصف وانتزاع القرار، ستظل البلاد عالقة في مساحة شائكة، لا هي مستقرة بما يكفي للنهوض، ولا منهارة بما يكفي لإعادة البناء من الصفر.