آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-05:55م

الطاعة العمياء للحكام الظلمة .. حين تُكمم الحقيقة باسم الدين

الثلاثاء - 28 أكتوبر 2025 - الساعة 11:18 ص
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


في زمن تتقلب فيه الموازين وتُستبدل فيه المبادئ بالشعارات، تبرز ظاهرة الطاعة العمياء للحكام الظلمة كأحد أبرز أسباب تراجع الأمة وتخلفها عن ركب الحضارة.

لم يكن الإسلام يومًا دينًا يُكرّس الاستبداد أو يُبرر الظلم، بل جاء ليحرر الإنسان من عبودية البشر إلى عبادة رب البشر، وليقيم ميزان العدل والحق في الأرض.


لقد ضاعت الأمة حين صمتت منابرها، وتخاذل علماؤها، وارتضى بعضهم أن يكونوا أدوات تبرير لا منارات تغيير ، وغاب صوت الحق ان يصدح في الناس.

أين أولئك الذين يصدحون بكلمة الحق عند سلطان جائر؟ أين من يُحيي وصية النبي ﷺ: _"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"_ ؟


إن الركون إلى الظالمين، كما حذرنا منه القرآن الكريم، ليس مجرد خطأ سياسي، بل هو انحراف عقدي وأخلاقي: _ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار_. فكيف بمن يزين للناس طاعة الظالم، ويُلبسها لباس الدين؟!


*الإسلام وموقفه من الظلم*

الإسلام لا يُهادن الظلم، ولا يُساوم على الكرامة.

في الحديث الشريف، حين سأل رجل النبي ﷺ عن الذي يريد ان يأتي ليأخذ ماله عنوة فأجابه: _"قاتله"، قال: "فإن قتلني؟"، قال: "فأنت شهيد"، قال: "وإن قتلته؟"، قال: "هو في النار"_.

هذا الموقف النبوي الصريح يُجسد رفض الإسلام للخنوع، ويُكرّس حق الإنسان في الدفاع عن نفسه وماله وكرامته.


الطاعة السياسية في الإسلام مشروطة بالشرعية والعدل، وليست مطلقة. فالحاكم الذي لا يُقيم العدل، ولا يُراعي مصالح الأمة، لا يستحق الطاعة، ولا تُنعقد له ولاية شرعية. كما أن تشابه الأمور على الناس لا يُبرر الاستسلام، بل يستوجب التبصر والوعي، كما قال تعالى: _ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا


إن الأمة اليوم بحاجة إلى صحوة فكرية وروحية، تُعيد الاعتبار لقيم الإسلام الحقيقية، وتُحرر الخطاب الديني من سطوة التبرير والتخدير. لا بد من إعادة بناء منابر الحق، وتفعيل دور العلماء والمثقفين في مواجهة الاستبداد، لا في تبريره.


فالإسلام لم يكن يومًا دينًا يُكرّس الطغيان، بل هو رسالة تحرير وعدالة، ومتى ما استعاد الناس وعيهم، ورفضوا الطاعة العمياء، عاد للإسلام وهجه، وللأمة مجدها.