في زمنٍ تهاوت فيه القيم وتراجعت فيه المواقف، برزت امرأة من رحم المعاناة، لتكتب اسمها في التاريخ بحروف وضاءة.
إنها توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والوجه النسائي الأبرز في ثورة اليمن الشعبية، التي أطاحت بأحد أطول الرؤساء حكمًا في الوطن العربي، بعد أن أمضى 33 عامًا ممسكًا بكرسي السلطة، لا يزحزحه إلا زلزال شعبي هزّ أركان نظامه.
ثورة ضد الديكتاتورية من ابرز قادتها توكل كرمان، ومعها شباب الثورة قادت الرئيس إلى نهاية لم يكن يتوقعها.
فقد كان الرئيس السابق يتقن لعبة الفتنة، ويجيد ضرب العصا بين مكونات المجتمع، حتى بدا وكأنه المنقذ من أزمة هو من صنعها.
لكن النخب السياسية اليمنية لم تنطلِ عليها تلك الحيلة، وبعد محاولات عديدة لإثنائه عن سلوكه، اضطرت إلى دعوه لثورة شعبية كانت من أنقى ثورات الربيع العربي.
*اختطاف الحلم*
حققت مورة الربيعوالبمني ثورة حلم الجماهير اليمنية في نطام عادل ومنصف.. لكن الحلم لم يكتمل فالثورة اختُطفت، ودُفنت في مهدها، بعد أن رأى الشعب اليمني بصيص النور، ليأتي من أطفأه، ممن لم يحتملوا أن يرى اليمنيون فجرًا جديدًا.
وبدلًا من شكر من خلّصهم من الكابوس، انطلقت ألسنة الجهلاء المحليين المدعومين من الخارج تنهش في قادة الثورة، وتكيل لهم التهم جزافاً، وكان للمرأة التي أسقطت الطغيان توكل كرمان النصيب الأكبر من التنمر والتشويه.
لا أحد يدري كيف استطاعت هذه المرأة أن تُسقط رئيسًا تمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير، وأن تُجبره على التنحي، وفي الوقت ذاته، أن تُجبر خصومها على رفعها إلى مكانة عظيمة، من حيث أرادوا النيل منها.
إنها واحدة من أكبر المفارقات في التاريخ العربي الحديث: كلما حاولوا إسقاطها، ارتفعت في أعين الناس وكلما افتروا عليها، زادت مكانتها.
*متى يرعوون؟*
إنها المرأة الحديدية في زمن مهازيل الرجال.
امرأة ذات حظ عظيم، وبصيرة نافذة، صنعت مجدًا في وقت عزّ فيه المجد، وواجهت حملات التشويه بثبات لا يُكسر.
لا اعرفها ولم اقابلها يوماً ولم اتواصل معها قط.. لكنني ارى حيفاً يمارس ضدها فنصرتها في وجه من يظلمونها.. لا اكثر.
ترى، متى يرعوو الجهلاء؟
ومتى يدركون أن التاريخ لا يُكتب بالصراخ، بل بالمواقف؟
> "توكل كرمان لم تكن مجرد امرأة ثارت، بل كانت صوتًا للحق في زمن الصمت، وضميرًا حيًا في زمن التبلد."