في عالمٍ تتداخل فيه الأصوات وتتشابك فيه الشعارات، يبقى صوت الحق نقيّاً لا يُشوبه زيف، ويبقى الفرق بين النور والظلام واضحاً مهما حاولت الأبواق أن تخلط الأوراق. فهناك حقائق لا تقبل التعايش، ومبادئ لا تقبل التنازل، وثنائيات لا تلتقي مهما طال الزمن أو كثرت التبريرات.
*لا يجتمع الحق والباطل*
كما لا يجتمع النور والظلام، لا يمكن للحق أن يساكن الباطل. فالحق ناصع، والباطل خادع. وإن حاولوا أن يلبسوا الباطل ثوباً من حرير، فسيبقى في جوهره عفناً لا يُخفيه الزخرف. الحق لا يُهادن، ولا يُساوم، ولا يُقايض على حساب الكرامة.
*ولا الطهارة والدعارة*
الطهارة نقاءٌ في الجسد والروح، والدعارة انحدارٌ في القيم وانتهاكٌ للإنسانية. لا يمكن أن يُقال عن مجتمعٍ أنه طاهر وهو يشرعن الفساد الأخلاقي، ولا يمكن أن تُبنى حضارة على انحلال. فالأخلاق هي الأساس، ومن فقدها فقد إنسانيته.
*ولا الاحتلال والاستقلال*
الاحتلال قيدٌ، والاستقلال حرية. لا يمكن أن يُقال عن وطنٍ أنه مستقل وهو يرزح تحت نير الهيمنة، ولا يمكن أن يُرفع علم السيادة فوق أرضٍ تُدار من خلف الستار. الاستقلال ليس شعاراً يُرفع، بل كرامة تُصان، وقرارٌ يُتخذ بإرادة شعب لا يُكسر.
*ولا السرقة والنزاهة*
السرقة خيانة، والنزاهة أمانة. لا يمكن أن يُقال عن مسؤولٍ أنه نزيه وهو ينهب قوت الفقراء، ولا يمكن أن يُبنى اقتصادٌ على جيوبٍ مثقوبة. النزاهة ليست ادعاءً، بل سلوكٌ يومي، وضميرٌ حي، وموقفٌ لا يتغير أمام الإغراء.
*ولا النظافة والقذارة*
النظافة ليست فقط في الثياب، بل في الفكر والسلوك. والقذارة ليست فقط في الشوارع، بل في السياسات التي تلوث حياة الناس. لا يمكن أن يُقال عن مدينةٍ أنها نظيفة وهي تغرق في الفساد، ولا عن مسؤولٍ أنه نظيف وهو يلوث القيم.
*ولا الصدق والكذب*
الصدق نور، والكذب ظلام. لا يمكن أن يُقال عن إعلامٍ أنه صادق وهو يضلل، ولا عن خطابٍ أنه نزيه وهو يُزيف الحقائق. الكلمة الصادقة تُحيي، والكذبة تُميت، وإن طال عمرها.
*خاتمة: لا تخلطوا الزيت بالماء*
في زمنٍ يُراد فيه للناس أن ينسوا الفروق، ويقبلوا التعايش بين النقيضين، نقولها بوضوح: لا يجتمع الحق والباطل، ولا الطهارة والدعارة، ولا الاحتلال والاستقلال، ولا السرقة والنزاهة، ولا النظافة والقذارة، ولا الصدق والكذب. فإما أن نكون مع الحق، أو نكون جزءاً من الباطل. لا منطقة رمادية في معركة المبادئ.