مع اقتراب انتهاء الفصل الدراسي الأول، ما زال عبث الإضراب في وادي حضرموت مستمراً. ففي كل مرة يشهد فيها التعليم إضراباً، يكون الضحية الأولى هم الطلاب، إذ يضيع فصل دراسي كامل، ثم يُنقل الطلاب إلى المستوى الذي يليه، بينما تتراجع الحصيلة التعليمية عاماً بعد عام لتصبح أسوأ مما كانت عليه في السابق.
متى تدرك الدولة، ويدرك القضاء على وجه الخصوص، أن هذه مسؤولية قانونية قبل أن تكون إدارية أو نقابية؟ إن انتظام التعليم هو العنصر الأساسي في نهضة أي أمة ورفعتها، فإذا ما جرى استهدافه باسم المطالبة بالحقوق تارةً ـ مع وجود وسائل قانونية أخرى تحقق الغرض ذاته ـ وتارةً باسم الصراع السياسي كما حدث في فوضى عام 2011م تحت شعار «لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس»، فإنك تدرك أن وراء مثل هؤلاء من يريدون لهذا الوطن أن يبقى متخلفاً، وللفاسدين أن يبقوا حكامه.
إن المعلم حين يضرب عن التدريس يهدف إلى تحسين دخله، لكن عند التأمل في نتائج الإضرابات السابقة، يدرك المتأمل أن الإضراب لا يحقق الغرض، بل يضعف الحصيلة التعليمية ويهدم الوعي في المجتمع. ولا يمكن لمجتمع أن ينهض وتعليم الأجيال فيه مستهدف في أي صراع حقوقي أو سياسي. فالمعلم، بإضرابه، يسعى لتحسين وضعه المعيشي، غير أن التنمية الاقتصادية لأي بلد لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب العلم أو ضعف التعليم.
وعلى أبناء اليمن عامة، وأبناء حضرموت خاصة، أن يدركوا أن الوعي هو بداية طريق الإصلاح، وأن عليهم ألا يجعلوا أبناءهم خارج المدارس، بل أن يعملوا بكل الوسائل الممكنة لضمان انتظام العملية التعليمية.
فالحفاظ على ثروات حضرموت لا يكون بالفوضى هنا أو هناك، بل بالعلم والانضباط والمسؤولية. والحليم تكفيه الإشارة.