آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-12:29م

ثلاث صناعات تهدد وعي الأمة في زمن الانحدار

الأربعاء - 19 نوفمبر 2025 - الساعة 01:16 م
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


في زمن تتسارع فيه التحولات وتتشابك فيه المصالح، برزت ثلاث صناعات خطيرة لا تُنتج سلعًا أو خدمات، بل تُنتج واقعًا مشوهًا، ووعيًا مزيفًا، وأجيالًا تائهة.

إنها صناعات لا تُدار في المصانع، بل في غرف الإعلام والسياسة والثقافة، وتُغلف بشعارات براقة تخفي وراءها مشروعًا لتفكيك المجتمعات واستلاب إرادتها.


*1- صناعة العملاء: رموز على هيئة زعماء*

لم تعد الخيانة تُمارس في الخفاء، بل أصبحت تُسوّق على أنها وطنية، ويُروّج لها عبر شخصيات تتصدر المشهد السياسي والإعلامي، تُقدَّم على أنها رموز وقادة، بينما هي أدوات لتدمير الأوطان واستباحة الشعوب ونهب الثروات. هؤلاء العملاء لا يحملون السلاح فقط، بل يحملون الخطاب، ويُشرعنون الاحتلال، ويُبررون القمع، ويُعيدون تشكيل الوعي بما يخدم مصالح الخارج.


*2- صناعة التافهين: هدم القيم وترويج الانحلال*

في ظل هيمنة وسائل التواصل، تحولت التفاهة إلى سلعة رائجة، يُحتفى بها ويُمنح أصحابها المنصات والمتابعين.

هذه الصناعة لا تهدف فقط إلى التسلية، بل إلى تدمير الأخلاق، وتفكيك المبادئ، وإغراق المجتمعات في مستنقعات الرذيلة والفجور. يُدفع الناس إلى العيش بلا هدف، بلا وعي، بلا قيم، في مشهد يشبه حياة البهائم، حيث الغريزة تحل محل العقل، والسطحية تقتل العمق.


*3- صناعة المغفلين: عبادة الأصنام الحديثة*


أما الصناعة الثالثة، فهي الأخطر: صناعة المغفلين. شعوب تُبرمج على تمجيد الأصنام، سواء كانت شخصيات أو أفكار أو أنظمة، تُجند لخدمة مشاريع لا تفهمها، وتُدافع عن جلاديها، وتُعاد صياغة وعيها ليصبح أداة طيعة في يد من يتحكمون بها. إنها شعوب منزوعة العقل، مؤدلجة، لا تسأل ولا تفكر، بل تردد ما يُقال لها، وتُصفق لما يُفرض عليها.


في مواجهة هذه الصناعات الثلاث، لا بد من يقظة فكرية، وثورة وعي، تعيد للإنسان إنسانيته، وللأمة بوصلتها. فالمعركة اليوم ليست فقط على الأرض، بل في العقول والقلوب، ومن ينتصر فيها يملك المستقبل.