آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-02:56م

هل يصعب قرار إقالة المخالفين؟.. حين يصبح الفساد أقوى من الدولة

السبت - 22 نوفمبر 2025 - الساعة 10:43 ص
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


/عدنان زين خواجه


في التاريخ السياسي الحديث، بالكاد نسمع عن دولة وصلت فيها الفوضى إلى حد أن تُفرض عقوبات دولية على محافظ محافظة، إلا حين يطول صمت الدولة على الفساد ويصبح تفكيكه مهمة دولية بدلًا من أن تكون مسؤولية وطنية. هذا المشهد يعكس خللًا عميقًا في بنية الإدارة اليمنية، ويضع علامات استفهام حول قدرة مؤسسات الدولة — وعلى رأسها المجلس الرئاسي — على اتخاذ القرارات الحاسمة بحق كل من يعرقل الإصلاحات الاقتصادية أو يمتنع عن توريد موارد الدولة إلى البنك المركزي.


إقالة المعرقلين… قرار ليس معقدًا لكنه مؤجل


في دولة طبيعية، إقالة مسؤول يرفض تطبيق القرارات أو يعطل الإصلاحات الاقتصادية يجب ألا تحتاج إلى ضغوط أجنبية أو عقوبات دولية.

هي إجراءات يفترض أن تُمارس تلقائيًا من قبل الحكومة وأجهزتها الرقابية.

فالمجلس الرئاسي يمتلك الصلاحيات لإقالة محافظ أو مدير أو مسؤول يقف حجر عثرة أمام الإصلاح، لكن ما يحدث اليوم يبدو وكأن القرار أصبح أثقل من أن يُتخذ، أو أن المصالح المتشابكة أقوى من سلطات الدولة.


الرباعية ودورها… دعم بلا تنفيذ


قدمت دول الرباعية دعمًا واسعًا للحكومة لتنفيذ إصلاحات جذرية في المالية العامة وتوحيد موارد الدولة، إلا أن هذا الدعم لا يكتمل دون قرارات جريئة من الداخل.

إقالة كل من يعطل توحيد الإيرادات أو يرفض الالتزام بالإجراءات المقرّة يجب أن تكون الخطوة الأولى، يليها إحالتهم إلى محاكمات فورية، مع تجميد الحسابات والأرصدة والاستثمارات في الداخل والخارج.


فوجود مسؤول يعبث بموارد محافظة أو يرفض التوريد المركزي، يشكل تهديدًا مباشرًا على الاقتصاد أكثر مما يهدده تقلب سعر الصرف أو نقص العملة الصعبة.


مهلة لا تتجاوز 72 ساعة… وإلا


إذا كانت الدولة جادة في بناء اقتصاد متعافٍ، فالأمر لا يحتاج أكثر من مهلة قصيرة — يومان أو ثلاثة — لإلزام جميع المحافظين والجهات الإيرادية بتنفيذ القرارات الاقتصادية.

ومن يمتنع أو يلتف أو يتأخر، فالإقالة والتحويل للنيابة والقضاء يجب أن تكون الخطوة التالية مباشرة.


العدالة البطيئة في القضايا الاقتصادية ليست عدالة، بل هي مشاركة غير مباشرة في ضياع المال العام.


تتبع خيوط الفساد… واستعادة الأموال المنهوبة


إجراءات الإقالة ليست نهاية المطاف، بل هي البداية فقط.

الملف الأخطر يكمن في تتبع مسارات الأموال المنهوبة، في الداخل والخارج، واستعادتها دون تمييز بين مسؤول صغير أو نافذ كبير.

كما أن سياسة “الخروج الآمن من السلطة” التي استفاد منها الفاسدون طوال عقود يجب أن تُلغى بالكامل، فالدولة التي لا تسترد أموالها لا تستعيد مكانتها ولا يبنى اقتصادها.


اليمن اليوم بحاجة إلى لجنة خاصة ذات صلاحيات واسعة، تعمل على كشف شبكات النهب منذ عقود، واسترجاع عشرات المليارات التي كانت كفيلة بتحويل البلاد إلى دولة ذات بنى تحتية قوية وخدمات مستقرة.


هل يصعب قرار إقالة المخالفين؟

في الواقع، لا يصعب إلا على دولة فقدت جزءًا من هيبتها أو تغوّل الفساد فيها إلى درجة أن يصبح المسؤول فوق القانون.


إذا كانت الرباعية والمجلس الرئاسي جادين في تنفيذ إصلاح اقتصادي حقيقي، فإن البداية تكون من تفعيل دولة القانون، وإقالة كل من يتلاعب بموارد البلاد، ومحاسبة كل من أضر بالاقتصاد، مهما كان منصبه أو حجم نفوذه.


حين تُستعاد هيبة الدولة، سيستعيد المواطن ثقته، وسيعرف الجميع أن لا أحد في اليمن أكبر من القانون.