حيدره محمد
ظل حلم التغيير لعقود رهين لأستبداد(الأنظمة العسكرية)..ولم تخلو مرحلة من محاولات التغيير الناعمة وصولآ للعقد الثاني من الألفية الثانية،والتي حملت مايعرف بثورات(الربيع العربي)..وإن كانت أفشلت أغلبها في تحقيق حلم التغيير.
وليس قفزآ على الواقع ولا ضرب من ضروب الخيال أن أزمة الشعوب العربية في البعيد والقريب من العصر الحديث والمعاصر هي أنها شعوب لم تحظى بأنظمة سياسية عادلة ورشيدة..وهي الأزمة التي تستحيل على إنتاج الحل وإنتاج المستقبل،لا وبل أنها الأزمة التي يكمن فيها كل وجود وخلاص تلك الشعوب.
وإلى اليوم ظلت الأنظمة العسكرية حصنآ منيعآ وشائكآ أمام حلم التغيير..وظل حلم التغيير بعيدآ تماماً عن الواقع السياسي للشعوب المحاصرة بسياج الأنظمة العسكرية،والتي اعيد إنتاجها في أكثر من قطر عربي،وهو الخيار الراهن والذي لا بديل له على المدى المنظور والبعيد دولياً وإقليمياً طالما وأن الشعوب لم تعد قادرة على فرض إرادتها.
ولا حد للاستبداد ولا مناص من الأنظمة العسكرية،ولا مخرج لحلم التغيير.،وحتى الأصوات التي كانت ثورية وتنادي بالتغيير تم إخضاعها أحيانا وأحيانآ تم تحييدها أو أسكتت وإلى غير رجعة..وهي الحالة السائدة في أغلب بلدان الربيع العربي،والمتأرجخة في البلدان التي لم تستقر بعد من تداعيات الربيع والثورات المضادة للربيع.
وماهو أبعد من حلم التغيير ومن واقع استبداد الأنظمة العسكرية وغلبة الثورات المضادة أن المشهد العسكري أصبح مشهدآ مهحنآ ومرتهنآ للخارج..ولا يملك القرار والسيادة،وإن أدعى إمتلاكه لسيادته وقراره..والدبابة التي دكت أسوار القصر لم تعد هي الدبابة،والشعارات الوطنية لم تعد هي الشعارات وإن أدعت الوطنية والولاء للشعب والوطن.
ولن تقف المفارقة عند هذا الحد البائس من التبعية المقنعة بثوب الوطنية،والتي تحكم بمنطق الأستقواء بالخارج وتعيد انتاج ذاتها كنظام عسكري رافض لحلم التغيير..ولكن المفارقة أن قادة النظم العسكرية المعاد إنتاجها لا تريد أن تعترف أنها العقبة الأكبر التي تقف عائقآ في طريق نهوض ورفعة شعوبها،وبل وأنها لم تكن أكثر من نتاج للفساد والاستبداد واللا تقدم.
وهي الكارثة في أنصع التجليات وأكثرها سطوعا،والتي لم تعد مجهولة أو تستدعي طرق مكامن البحث عن أسبابها ونتائجها،وأسبابها ونتائجها ظلت ولا تزال تعيد تراكماتها لتزيد من حجم الهوة بين حلم التغيير وبين أنظمة عسكرية مترهلة بالفشل السياسي،ومسؤولة عن أغلب الصراعات والنزاعات الممزقة لوشائج وعرى ومصالح شعوبها.
وبينما الحقيقة أن ليس هناك خيار للشعوب إلا في إنفاذ حلم التغيير إلى حقيقة تسود وتحكم..ولم يجتاز شعب مآسيه وإنحساراته إلا عندما قرر أن يجعل من التغيير خياره وقراره..وهي ليست لغة شعاراتية بقدر ماهي الرد المنطقي والصحي أمام محاولات المنخرطين في ماخور العسكر وهم يزيفون وعي الشعوب،ويحاولون حرف بوصلة حلمها وإجهاض حريتها.
والتجارب أثبتت أن المتغيرات هي التي تصنع التحولات،وإعادة إنتاج التجارب الفاشلة لن يعيد(الأمجاد الشخصية)لقادة الأنظمة العسكرية أيآ كان ثقلهم وأيآ كانت قوتهم..وحلم التغيير ليس فصلآ عابثآ في التاريخ،والأنظمة العسكرية ليست الخيار الرشيد للأنفراد بالحكم والسلطة،والشعوب ليست قطعانآ دائمآ وإن جهلت وجيرت.؟!