آخر تحديث :الإثنين-08 ديسمبر 2025-11:44ص

أسلمة الثورات وعقلية الإسلاميين؟!

الإثنين - 01 ديسمبر 2025 - الساعة 05:32 م
حيدره محمد

بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


/حيدره محمد بسيول


كان لا سبيل للثورات إلا أن تكون منطلق لأستحواذ الإسلاميين عليها،وكان لا تصور اخر ينافس التوجه الإسلامي،والذي أصبح التوجه المتغلب على الثورات وبلا منازع..والإسلاميين وإن وصلوا للحكم وعبروا عن طريق الثورات،الا أن وصولهم وعبورهم لم يدم طويلا،وخرجوا من المشهد بخفي حنين الخسارة والهزيمة،ولم يراوحوا توجهاتهم وطموحاتهم،وإن كان ثمن سقوطهم مدويآ وكبيرآ.


والسؤال هل كان وصول الإسلاميين للحكم بعد الثورات وصولا مستحقآ وبتأييد جماهيري كاسح،والجواب نعم،وإلى حد بعيد كان وصول الإسلاميين نتيجة منطقية وحتمية لواقع الشارع العربي،ولطبيعة المجتمعات العربية المتدينة فطريآ وروحيآ،والمتأثرة بخطاب الإسلاميين على امتداد طويل لصراع الإسلاميين مع الأنظمة الرسمية الحاكمة..وهو الصراع الذي أنتج مظلومية الإسلاميين،والذي كان وقوداً فعالآ عند اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات المطالبة بإسقاط أنظمة العسكر.


ولكن لماذا سقط الإسلاميين سريعا،والجواب سقط الإسلاميين سريعا بسبب غياب البرامج السياسية البديلة لتركة أنظمة حكمت لأكثر من أربعة عقود شعوبآ لم تعد تفرق بين إنسانيتها وعبوديتها..وبل إن الإسلاميين لم يفرقوا أنفسهم بين إنسانيتهم وعبوديتهم،واستخدموا ذات الوسائل والطرق التسلطية التي قمعوا بها وهم يواجهون فلول ومخلفات العسكر على مر فترات حكمهم القصيرة،والتي لا يمكننا أن نعتبرها فترات حكم كاملة.


بيد أن أزمة الإسلاميين ومعضلتهم التي لم يتخلصوا منها هي أن خطابهم السياسي ينتمي لأعصار إسلامية غابرة،ولا يمكن أن تقدم رؤية إسلامية معاصرة يستطيعوا من خلالها أن يقودوا الشعوب ويتقلدون سدد الحكم ليحكموا..وقد نلخص أزمة الإسلاميين وخطابهم السياسي في فكرة الخلافة الإسلامية،وهي الفكرة المسيطرة على عقلية الإسلاميين العرب بمختلف اتجاهاتهم ومشاربهم الفكرية والعقدية،وكما وأن إشكالية الخلافة الإسلامية تعد من إبرز إشكاليات الإسلاميين السنة،وهي وعلى ذات السياق مشكلة الإسلاميين الشيعة،ولذلك الإسلاميين العرب شيعة وسنة لا ينجحوا فور وصولهم لسدة الحكم.


وكما وأننا لا يمكن أن نغفل عن أزمة مماثلة ولا تقل إشكالية عن أزمة الخطاب،وألا وهي إشكالية قيادة الإسلاميين لعقود أجنحة معارضة الأحزاب الحاكمة بأسم العسكر..وبمعنى أدق كان الإسلاميين هم المعارضين السياسيين للأنظمة العسكرية وأحزابها لعقود طويلة،وبل وتشاركوا معهم الحكم والسلطة في أحيان كثيرة،وهذا يقودنا إلى الاستنتاج الذي يقول بأن الإسلاميين وطوال عقود معارضتهم لتلك الأنظمة لم يكونوا يعوا أن أساس معارضتهم للأنظمة الحاكمة كان أساسآ خاطئآ وليس سليما،وبل وفور أن صعدوا على موجات ثورات التغيير اعتقدوا أن تغييرهم للأوضاع سينتهي فور سقوط حكام الأنظمة المستبدة.


وهي النتيجة التي تقودنا إلى إستنتاج لا يقل أهمية عن استنتاج خطأ شكل معارضة الإسلاميين للأنظمة،وألا وهو أن الإسلاميين لم يكونوا جادين في أن يفكروا ولو لمجرد التفكير في إزاحة تلك الأنظمة بفعل سياسي منظم وبتخطيط عملي مدروس..وعلى مر كل تلك العقود التي كانوا مشغولين فيها في صراعاتهم الحزبية مع السلطة،والتي كانت تنتهي أغلبها بالمحاصصة وتوزيع الأدوار لصالح تلك الأنظمة وحكامها.


ولهذا وأكثر،أو فلنقل بسبب إشكالية الخطأب المتبني لفكرة الخلافة الإسلامية،والتي وبطبيعة الحال لا تروق للغرب ووكلاءه في المنطقة والإقليم،وبسبب خطأ الإسلاميين الجسيم في إنتهاج معارضاتهم الحزبية الخاطئة للأنظمة الحاكمة،والتي ظهر عوارها جليآ فور أن جاءت لحظة الثورات،والتي كانت خارجة تمامآ من حساباتهم،وبل وتسببت في إرباكهم،ووصولا لقبولهم بالتسويات والتنازلات،ووصولا للالتفاف عليهم وإعادتهم إلى المربع الأول..وهو المربع الذي وفي حالات كثيرة لسقوط الإسلاميين في بعض الأقطار لم يعد له وجود،فيما عدى حالتين واحدة وصلت للحكم وبدعم اقليمي وذلك بعد صراع أستمر لأكثر من ثلاثة عشر عام،وواحدة حالفها تنظيمها ووعيها في الحفاظ على بقائها،وإن مازالتا مهددتان ويتهددهما الخطر.


غير أن القول بأن الإسلاميين فشلوا في إقتناص فرصتهم السانحة عقب وصولهم للحكم،يظل قولآ يفتقر للإنصاف وللحقيقة،وفي الحقيقة أن الإسلاميين لم يفشلوا ولكن افشلوا..وإن كان الجزء الأكبر من فشلهم داخلي بنيوي،ويحتل عمق عقليتهم السياسية وخطابهم الإيدلوجي..ومع كل ذلك فإن فرص نجاحهم تظل اقرب للواقعية السياسية متى ما حالفتهم المتغيرات والتطورات،ومتى ما استفادوا من أخطاءهم وتعلموا من تجارب أقرانهم من الإسلاميين،كالأتراك والمالييزين والإندونسيين والإيرانيين،وجميعها نماذج إسلامية غير عربية،وهذا يثبت وبجلاء قاطع أن الإشكالية ليست فكرية ولكنها العقلية.؟!