في زمن تتكاثر فيه النزاعات وتتشظى فيه العلاقات، تبرز الحروب بين الإخوة كأشدّ أنواع الصراعات قسوةً ومرارة.
فليست كل الحروب تُخاض بالسلاح، وبعضها لا يُخلف وراءه سوى الخراب في القلوب، والدمار في الروابط التي لا تُعوّض. "الحرب بين الإخوة: خسارة لا تغتفر"، وهذه وصايا أبوية تنضح بالحكمة والوجع.
*وصايا من القلب... رسائل تتجاوز الزمن*
قاغ الأب:"إياك أن يسقط أخاك وأنت واقف" وذلك نداء يختصر معنى الأخوة في أسمى صورها: السند، العون، والكتف الذي لا يخون. وتأتي وصية الأم أكثر وجعًا: "إذا كان عدوك أخاك، فأعلن هزيمتك"، لتؤكد أن لا نصر في معركة تُخاض ضد من تقاسمنا معه الطفولة والملح والدم.
هذه العبارات ليست مجرد كلمات، بل هي صرخة في وجه كل من يظن أن الانتصار على الأخ مكسب، أو أن كسر الخلاف لا يستحق التنازل.
فالحرب بين الإخوة لا تُخلّف منتصرًا، بل تُخلّف قلوبًا مكسورة، وذكريات مشوهة، وأسرة فقدت تماسكها.
في مجتمعاتنا، حيث تتشابك العلاقات العائلية وتُبنى على المودة والرحم، تصبح الخلافات بين الإخوة جرحًا نازفًا في جسد الأسرة.
تبدأ الأمور بتباين في وجهات النظر، ثم تتطور إلى خصومات، فهجران، وربما قطيعة تمتد لسنوات. والنتيجة؟ أسر مفككة، وأبناء يكبرون في ظل صراعات لا يفهمونها، وقيم تتآكل بصمت ، وهنا تنهار القيم وتُستبدل المحبة بالخصومة.
إن الخسارة الحقيقية لا تكمن في من انتصر أو من خسر، بل في ما ضاع بينهما: الاحترام، الثقة، الذكريات، وحتى الدعاء في ظهر الغيب.
في عالم يضجّ بالصراعات، لا بد أن نعيد الاعتبار للحوار، وأن نُحيي ثقافة التسامح والتغاضي. فليس من الضعف أن نمدّ يد الصلح، بل من القوة أن نكسر دائرة الكراهية، ونُعيد بناء الجسور التي تهدمت.
الحرب بين الإخوة ليست قدرًا، بل خيار. والخيار الأسمى هو أن نختار السلام، أن نختار أن نكون لبعضنا سندًا لا خصمًا، وملاذًا لا ساحة معركة.
الحوار هو طوق النجاة من الغرق في العداوات بين الاقرباء..
*وختامًا...*
في كل بيت، هناك وصايا تُقال، ودموع تُكتم، وقلوب تتمنى أن تعود الأيام إلى ما كانت عليه. فلنُصغِ إلى تلك الوصايا، ولنُدرك أن الحرب بين الإخوة لا تُكسب، بل تُفقدنا أنفسنا. فليكن شعارنا: "إذا كان عدوك أخاك، فأعلن هزيمتك... لأن الحب بين الإخوة هو النصر الحقيقي".