في لحظة فارقة من تاريخ النضال الفلسطيني، ترجل فارس من فرسان المقاومة، رجل لم يكن مجرد ناطق باسم كتائب القسام، بل كان صوتًا للأمة، وضميرًا حيًا يعبر عن آلامها وآمالها. إنه الشهيد القائد _أبو عبيدة_ ، الذي ودّعته غزة في موكب يليق بمقامه، بعد أن نقش اسمه في ذاكرة الشعوب الحرة كرمز للصمود والتضحية.
منذ ظهوره العلني، لم يكن أبو عبيدة مجرد متحدث عسكري، بل كان خطابه سلاحًا لا يقل فتكًا عن صواريخ المقاومة. كلماته كانت مدافع معنوية تشحذ همم المقاتلين، وتبث الرعب في صفوف العدو، وتوقظ ضمير الأمة الغافل، داعيًا إياها لتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه غزة وفلسطين.
كان الملثم الذي إذا نطق أرعب، وإذا صمت أربك. رجلٌ إن عاش كان سيفًا مشرعًا في وجه الاحتلال، وإن استشهد، كما نرجو له، فهو شهيدٌ في عليين. لم يكن مجرد فرد، بل كان أمةً تمشي على قدمين، بوصلةً لا تحيد عن درب الحرية، وسبابةً تشير دومًا نحو القدس.
تحول أبو عبيدة إلى رمز يتجاوز حدود التنظيم والفصيل، ليصبح أيقونة عربية وإسلامية، يتردد صدى صوته في كل بيت حر، وتُرفع صورته في كل ساحة نضال. لم يكن حضوره مقتصرًا على البيانات العسكرية، بل كان حضورًا وجدانيًا، يلامس القلوب ويوقظ العزائم.
رحل أبو عبيدة، لكن صوته سيبقى يتردد في أروقة الذاكرة، وملامحه ستظل محفورة في وجدان الأحرار. رحل جسدًا، لكنه بقي فكرةً لا تموت، وإرثًا نضاليًا تتوارثه الأجيال.
رحم الله الشهيد القائد أبو عبيدة، ورحم جميع الشهداء الذين عبدوا بدمائهم طريق الحرية. وإن النصر لقريب، بإذن الله.