آخر تحديث :الأربعاء-31 ديسمبر 2025-07:12م

الجنوب يفرض معادلته.. ومن لا يعجبه فليواجه الحقيقة

الأربعاء - 31 ديسمبر 2025 - الساعة 05:25 م
عبداللطيف عبدربه الداعري

بقلم: عبداللطيف عبدربه الداعري
- ارشيف الكاتب


الوقائع على الأرض تقول شيئاً بسيطاً لا يحتاج إلى كثير تنظير: الجنوب لم يعد فراغاً سياسياً ولا ساحة مفتوحة لتجارب الآخرين. القوى الجنوبية تمتلك اليوم السلاح، الأرض، الحاضنة، والمشروع، بينما خصومها يملكون البيانات والمؤتمرات والرهان على الخارج. من يجرؤ على إنكار ذلك فليجرّب قوته على الأرض لا على شاشات التلفزة.


السعودية أصدرت قرارات، وما تسمى بشرعية الفنادق أعلنت مواقف، لكن الحقيقة العنيدة هي:

القرار الذي لا يُترجَم ميدانياً يبقى حِبراً على ورق، وكل يوم يمرّ دون تنفيذ عملي، يرسّخ حضور المجلس الانتقالي الجنوبي ويضعف الأوراق المقابلة مهما تدثّرت بالشرعية القانونية.


درع الوطن… الحياد هو الخيار العقلاني

من يتحدث عن مواجهة بين درع الوطن والقوات الجنوبية يتجاهل بوضوح تركيبة هذه القوات وولاءاتها وتشابكها الاجتماعي. أي دفع لها إلى قتال الانتقالي سيؤدي إلى انفجار داخلي في صفوفها قبل أن يطلق أول رصاص على الانتقالي.

القضية الجنوبية ليست شعاراً إعلامياً؛ هي هوية وذاكرة وتراب وتاريخ.

لذلك فإن حياد درع الوطن ليس ضعفاً، بل خيار واقعي يمنع صراعاً داخلياً جنوبياً ويمنح الجنوب القدرة على ترتيب بيته بقواه الأصيلة.


حضرموت والمهرة… ليسوا الهامش بل قلب الجنوب النابض

من يظن أن حضرموت والمهرة ستقفان على الحياد أو ستساومان على المشروع الجنوبي لا يعرف أبناءهما ولا تاريخهم.

هؤلاء هم أشد تمسكاً بالقضية الجنوبية والهوية الجنوبية، والأكثر وضوحاً في رفض إعادة إنتاج الهيمنة القديمة تحت أي لافتة كانت.


أبناء حضرموت والمهرة - مثلهم مثل أبناء عدن وشبوة وأبين والضالع ويافع ولحج - لن يساوموا على مشروع الجنوب ولن يقبلوا بتجزئته أو تفريغه من روحه وثروته.

كل الشعب في الجنوب من المهرة إلى باب المندب قد فهم اللعبة، ولم تعد تنطلي عليه المؤامرات والدسائس ومحاولات التفاف العواصم على إرادته.

هذا الشعب لن يتنازل عن حقه المشروع في استعادة دولته وهويته وإرادته السياسية.


استخدام “شماعة الشرعية” لم يعد يقنع أحداً

محاولات إعادة تدوير الشرعيات وتبديل اليافطات بين الرياض وشرعية الفنادق لن تغيّر شيئاً من الواقع.

رفع علم الجمهورية اليمنية من قِبل قوى لا تؤمن بها أصلاً لن يمنحها شرعية، بل سيكشف تناقضها.

اللعبة مكشوفة:

من يملك الأرض يملك القرار،

ومن يعيش خارجها يُنتج بيانات لا أكثر.


الحوثي يترقب… والجنوب يصمد

الحوثي ينتظر إنهاك الجميع لينقضّ على الساحل الغربي ثم مأرب وتعز.

لكن الجنوب مختلف:

جبهة أكثر تماسُكاً، ووعي متزايد بأن المعركة ليست مجرد نفوذ، بل وجود وهوية ومصير تاريخي.

ولذلك فإن محاولة تفريغ الجنوب من قوته أو إدخاله في صراعات داخلية هي أجمل هدية يمكن تقديمها للحوثي - ولن تُمنح له بفضل وعي المجتمع الجنوبي من المهرة الى باب المندب.


الخلاصة التي يحاول البعض الهروب منها

الجنوب اليوم:

يمتلك مشروعاً سياسياً واضحاً

يملك قوى عسكرية حقيقية غير ورقية

يحظى بحاضنة اجتماعية واسعة

يفرض معادلته على الأرض لا على المنابر


من يريد التعامل مع الجنوب فعليه أولاً أن يحضر الى عدن عاصمة القرار وأن يتعامل مع المجلس الانتقالي كقوة قائمة لا كتابع.

ومن يراهن على كسره سيكتشف أن الجنوب ليس الساحة التي كانت في صيف 1994.


الزمن تغيّر… والجنوب تغيّر… ومن لم يفهم بعد، ستعلّمه الميادين لا المقالات.