آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-01:46ص

الحراك الجنوبي المفتري عليه في حوار صنعاء

السبت - 07 سبتمبر 2013 - الساعة 01:48 م
شكيب الحبيشي

بقلم: شكيب الحبيشي
- ارشيف الكاتب


أستغرب ما يتردد حالياً من اتهامات توجه للحراك الجنوبي بأنه السبب في عرقلة مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء الذي يسدل ستائره هذه الأيام على فصله الأخير، وتحميله وزر فشل التوصل الى تحقيق أهداف الحوار الحالمة والوردية والتي أوجعوا دماغنا بها قبل انطلاق أعماله.

 

أستغرب هذه الجرأة من محترفي فبركة الأحداث وخلط الأوراق واصرارهم على استحضار شماعة الحراك الجنوبي وتعمد تصديرها المشهد لصرف الأنظار عن مكامن الكوارث الحقيقية والتشويش عن أشخاص باعثيها والتستر على مقاصدهم.

 

 

إسادة .. وللمرة المليون نعيدها وبلغه واضحه.. الجنوبيون في هذا الحوار ويمثلهم بعض من مكونات حراكه السلمي، باعتباره الحامل الشرعي للقضية الجنوبية موجودون أساساً تلبية لدعوة وبإلحاح تلقوها من رعاة الحوار (الإقليميين والدوليين ) لغرض عرض قضيتهم العادلة وبحث سبل حلها مع الطرف الشمالي وبدون سقوف أو شروط  مسبقه.

 

وسبب تردد الجنوبيين بل ممانعة جزء كبير منهم لقبول هذه الدعوة هو عدم حصولهم على إجابات مقنعه وواضحة لعدة تساؤلات ولعل الأهم من بينها أثنين وهما:

 

أولهما هل سنجد الطرف الشمالي جاهزاً وصادقاً ويقبل حواراً جاداً ينتج حلاً عادلاً لقضيتنا؟؟ فالجنوبيون لم يعد يثقون بهذا الطرف، من واقع خبرتهم وتجربتهم المريرة في تعاملهم معه. لهذا كان الإصرار على تنفيذ النقاط العشرين قبل بدء الحوار وما لحقها من نقاط (إحدى عشر) خلال الحوار لإظهار وإثبات صدق نوايا الطرف الشمالي.

 

وثانيهما هل فهم الطرف الشمالي أن لا سقوف ولا شروط مسبقه يمكن فرضها على أي طرف. ومبعث هذا الهم أن الحوار جاء الحاقاً لمبادرة سعت لتسوية أزمة سياسيه تصاعدت عسكرياً ودموياً لتعصف بأطراف الحكم بصنعاء وتمزق البلد أشلاء، فتضمنت المبادرة عناوين عديده من بينها الأمن والاستقرار والوحدة. لهذا خشي المحاور الجنوبي أن يساء استغلال عنوان الوحدة وفرضه على الجنوبيين كشرط في الحوار.

 

وبعد مداولات قبلت بعض مكونات الحراك الجنوبي المشاركة وأنطلق الحوار، فما الذي حدث؟

لم يجد الجنوبيون في الحوار طرفاً شمالياً!! بل وجدوا أطرافاً شماليه عده وكل له لون ولغة !! ووجدوا يافطة عريضة كتب عليها شعار وبالبنط الكبير. إلا الوحدة، و رياح ابتلعت وعود وتسويف تنفيذ نقاط المصداقية والتهيئة!!

 

 

لقد ذهبت الأطراف الشمالية الى الحوار بعد أن فرضت فيه مسبقاً سطوة يدها الطولي وضمنت اليات صنع قراراته والتحكم بمخرجاته. ولم يتح للطرف الجنوبي الا بعضاً من الصوت العالي وعند الحاجه لابأس من إفراز نتوءات جنوبيه تنتج مشروعات تقسيميه للجنوب تصطدم ببعضها واستخدامها شماعة لمبررات إفشال الحوار. وعلى الرغم من ذلك  تمكن الجنوبيون من عرض قضيتهم في المحتوى والجذور وتقديم رؤيتهم للحل وقد صدقوا وأحسنوا في ذلك.. وأظهر الداخل تأييده ودعمه فأسقطوا رهانات كثيره كانت تعتمد على شق صفهم.

ولكن ماذا بعد؟؟

 

 

واقع الحال يقول أن الأطراف الشمالية المتولدة من انقسام نظام صنعاء على نفسه بفعل اقتتاله قبل عامين ليست جاهزةً للتحاور مع الجنوبيين لحل قضيتهم. فالمعالجات التي افرزتها المبادرة الخليجية بعد أن أقرت لهم بالمحاصصة في السلطة والثروة اعتبرت حلاً مقبولاً لدى الأطراف الشمالية ولو لفتره، كما أن منح المخلوع ومن معه صفحاً وحصانة من جرائم انسانيه وفساد بالغ والثابتة عليهم، أكسبت آخرين حجة القيام بالمثل من الجرائم، ولابأس لاحقاً من اقتتال متبوع بمبادرة جديده تمنحهم الصفح والحصانة (وما فيش حد احسن من حد).

 

 

أما الحوار الحالي فهو لا يعدو مجرد كرنفالا مصحوب ببعض من فقرات التمني والتشويق لإلهاء الداخل الشعبي الشمالي والمغلوب على أمره دوما، وإسقاط واجب الخارج الإقليمي والدولي المتعامي عن حقائق ساطعه بحجم الشمس. وفي هذا السياق يتم التعويل على هيئة رئاسة الحوار وأمانته العامة ولجنة التوفيق لإقرار مخرجات صنعت في غرف مغلقه وابتكار مخارج جديده كتصويت مفبرك على وثيقة حوار في جلسه عامه ختاميه بدلاً عن مناقشة تقارير الفرق حتى ولو كان في ذلك مخالفه صارخه لآليات الحوار ونظامه المقرر قانوناً، فالبركة بالرعاة الأشقاء والأصدقاء والمندوب الأممي في حسن تفهمهم وحرصهم على إعلان نجاح تجربتنا الفريدة!!

 

وليكن تمسك الجنوبيين بمطلبهم العادل وإصرارهم على جدية التحاور وإثبات المصداقية والشفافية في التعامل سببا تسوقه الأطراف الشمالية لإلصاق تهمة إفشال الحوار عليهم.