آخر تحديث :الأحد-08 يونيو 2025-01:59م

تلك هى الشجاعة

السبت - 02 نوفمبر 2013 - الساعة 01:00 ص
حسن المستكاوي

بقلم: حسن المستكاوي
- ارشيف الكاتب


تحت عنوان: «سأشارك فى المباراة ولو برجل واحدة»، جاء فى جريدة اﻷخبار أن شريف إكرامى المصاب أعرب عن رغبته القوية فى خوض المواجهة المرتقبة مع أورﻻندو يوم السبت فى ذھاب نهائي أبطال أفريقﯿا. ووصف المحرر شريف بأنه الحارس الشجاع، وقد أوضح حارس اﻷھلى أنه يشعر بتحسن فى مكان اﻹصابة..

 
•• ھذا ھو الجزء المهم فى التصريح.. وھذا أحد المفاھﯿم الخاطئة، التى تنثر وتنشر عبر اﻹعﻼم منذ نصف قرن. فلﯿست شجاعة إطﻼقا أن يخوض إكرامى ھذه المباراة وھو مصاب. وﻻ يمكن أن يسمح المدير الفنى للفريق بذلك، وﻻ يجب أن يشجع إنسان حارس اﻷھلى على ذلك.. كما يحدث كثﯿرا أن يخلط اﻹعﻼم بﯿن الحماس وبﯿن العنف، ويستخدم تعبﯿر «أداء رجولى»، ويكون ذلك مقترنا بتشتﯿت الكرة، بدﻻ من تمريرھا. وكثﯿرا ما يشاع أن الوطنﯿة ھى أن تكون متحﯿزا لمنتخب بﻼدك، وأن يشﯿع المعلقون العرب أن القومﯿة ھى أن يكون المعلق مع الفريق العربى ضد الفريق اﻵخر.. فﻼ تلك وطنﯿة وﻻ تلك مهنية..

 
وأنصح شريف إكرامى بأنه لو كان مصابا فإن علﯿه أن يخلى مركزه لزمﯿله حتى ﻻ يخسر اﻷھلى تغﯿﯿرا بﻼ مبرر.. تلك ھى الشجاعة؟!
 

•• لكن الشجاعة فى المباراة المهمة ﻻ تعنى الهجوم اﻷھوج والمساحات المفتوحة، وأحذر اﻷھلى من ترك مساحات لﻼعبى أوروﻻندو، ﻷنهم فى غاية السرعة، ويعوضون بسرعتھ م الفائقة نقص بعض المهارات ﻻسﯿما التركﯿز أمام المرمى كما حدث فى مباراة الترجى باستاد رادس.. والواقع أن الشجاعة أن يحسن محمد يوسف تقدير الموقف، ويهاجم بحساب، ويدافع أيضا بحساب فﻼ يكون فريقه مثل المﻼكم الذى يغطى وجهه بقبضتﯿه باحثا عن الحماية. الشجاعة فى تلك المباراة أن تعرف متى وكﯿف نهاجم وتدافع وتقتل إيقاع خصمك وتفرض علﯿه إيقاعك؟
 
 
•• الرياضة كنشاط إنسانى واسع اﻻنتشار والشعبﯿة كان من أھم أسباب اقتحام السﯿاسة لها. حدث ذلك أيام ھتلر، وموسولﯿنى. واﻷول نظم دورة برلﯿن اﻷولﯿمبﯿة عام 1936 للدعاية للنازية. والثانى أرسل برقﯿة تحذير لمنتخب بﻼده إيطالﯿا بالفوز بكأس العالم أو اﻹعدام عام 1934.. وكﻼھما كان مدمرا لﻺنسانﯿة والسﻼم العالمى، وكﻼھما رأى نفسه زعﯿما ملهما.. كما أطلق بﯿرلسكونى رئﯿس وزراء إيطالﯿا اسم «فورزا» على حزبه السﯿاسى. وھذا أحد أھم صﯿحات التشجﯿع للمنتخب.. لكن العالم والمؤسسات الرياضﯿة رفضت تدخل السﯿاسة فى مع بدايات النصف الثانى من القرن العشرين وعلت أصوات الرفض حتى ﻻ تفسد السﯿاسة أكبر وأعظم حركة سﻼم عرفتها البشرية، وھى اﻷلعاب اﻷولﯿمبﯿة.. وحتى ﻻ تفسد السﯿاسة مناسبات ومسابقات رياضﯿة تعلو فيها قﯿم النضال والكفاح، المحبة واﻹخاء والصداقة، وتنتشر فى أروقتها البهجة والمتعة..

 
•• ھكذا أخطأ محمد يوسف ﻻعب الكونج فو خطأ جسﯿما حﯿن أقحم السﯿاسة فى الرياضة، وبرأى قاطع أعلن فﯿه تأيﯿده للنظام السابق بصورة مباشرة. وھو خطأ يستوجب العقاب والحساب وفقا للقواعد والمواثﯿق الدولﯿة، وكل من تجاوز تلك المواثﯿق فى مختلف الدول والأنشطة الرياضية على تنوعها تعرض للعقاب، وعلى الجميع احترام تلك القواعد دون نقاش، ودون محاولات الإيحاء بأن الأمر بسيط أو غير مهم أو يمكن تداركه باختراع مبررات افتراضية قد تمرر الحساب، خاصة أن هذا اللاعب كان يمثل مصر، ولم يكن يمثل فصيلا فى مصر.

** نقلا عن جريدة الشروق المصرية