الطب رسالة إنسانية ونبيلة يصل إلى حد التقديس لهذا الطبيب أو تلك الطبيبة لما يقدموه للمجتمع تنحني لها الرؤوس ثناءً وتقديراً ولكن في وطني يختلف الأمر تماماً .. وذلك عندما ترى وأنت تسير في حي العيادات الواقع في بلوك 32 بمديرية المنصورة تنتصب أمامك أشكال وألوان من اللوحات تشير بأن هذا الطبيب خريج من بلاد الروسية بدرجة امتياز تخصص طب أطفال .. ولوجه أخرى تشير إلى صاحبتها خريجة بولندا تخصص نساء وولادة .. ولوحة ثالثة ثم عاشرة وهلم جرّا من اللوحات ... إلى هنا والأمر شبه عادي وتقول : أن البلاد بخير إذ فيها الكثير من هؤلاء الأطباء وتلك الطبيبات والمختصين في كل التخصصات !! .
ولكن قبل أن تقابل الطبيب يستقبلك من يسجل أسمك في الكشف ويخرج من جيبك 1000 ريال .. يا سلام 1000 ريال هكذا مرة واحدة بمجرد أن يدَّون أسمك ثم أنتظر إلى أن يأتي دورك لتقابل الطبيب في غرفة مكتظة بالمرضى ليست فيها مكيف , وتخيل الأمر عندما يكون ذلك في عز حرارة الصيف !!! الطبيب يكسب عشرات الآلاف من الريالات في اليوم الواحد ولا يستطيع شراء مكيف ليحمي هؤلاء المرضى من أطفال ومسنين من الحرارة الهائلة في غرفة الانتظار !!
ثم يأتي دورك لتقابل فخامة سيادة الطبيب ويطلب منك فحص دم وفحص الله يعزك مخروج وبول في المختبر الخاص به و 1000ريال تنطح 1000ريال أخرى ثم تعود في اليوم التالي بعد أن خسرت قيمة سيارة الأجرة ليومين متتالين لتعرض عليه نتائج الفحوصات ( الغير دقيقة ) ويسجل لك في الروشته قائمة طويلة من الأدوية للعلاج دون أن تعلم أن هذه الصيدلية خاصة به أيضاً !!! وبذلك تكون قد صرفت من 50 إلى مئة ألف ريال لمعالجة المرض الذي لا يحتاج صرف هذه المبالغ !!
اتقوا الله يا أطباءنا الأفاضل .. تذكروا أن الله وحده هو الشافي .. تذكروا بأنكم تتحملون على عاتقكم رسالة إنسانية وتذكروا بان الإنسان لا يقاس إلاَّ بعمله لا بما يكسبه من مال مصيره الزوال فأنتم تستلوا رواتبكم من الدولة وتستلموا رواتبكم من الدولة وتستلموا عشرات أضعاف رواتبكم من المواطن المغلوب على أمره .. والمؤسف حقاً أن الدولة صرفت عليكم ومن ميزانية هذا الشعب المطحون لتتعلموا في الخارج ثم تعودوا لنا بشهادات لتضاعفوا من معاناته وآلامه وقهره ... المستشفيات الحكومية متوفرة والمجمعات الصحية موجودة ولا ينقصها إلاّ الطبيب المخلص والدواء الغير متوفر فأين دوركم وأين إنسانيتكم أطبائنا الكرام ؟.
