آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-07:14م

الصحة بين. ( السعادة) ... (والتعاسة)

الثلاثاء - 25 مارس 2014 - الساعة 05:37 م
علي صالح محمد

بقلم: علي صالح محمد
- ارشيف الكاتب


قبل ايام كنت قرات للصديق لطفي شطارة على صفحته في الفيس بوك ما مفاده  انه  بعد عودته الى لندن  مقر إقامته قام بإجراء بعض الفحوصات الطبية و اكتشف إصابته بمرض السكر ، ويعزي هذه الإصابة الى  الضغوط التي عانى منها خلال فتره التسعة الأشهر التي قضاها في صنعاء اثناء مشاركته  كعضو في مؤتمر الحوار   ، مع انه قبل ذلك لم يكن مصابا بهذا المرض منذ إقامته الدائمة  في بريطانيا ،   ، لا غرابه في ذلك طبعا ، واذا كان هذا هو حال صديقنا العزيز بعد تسعه اشهر ، فكيف  هو حال سكان عدن ومناطق الجنوب؟ الرازحين تحت وطاءه المعاناة والأنين لعقدين من الزمان   ، اي منذ شنت حرب الانتقام والتدمير لدوله الجنوب في عام ١٩٩٤   وما  خلفته  هذه الحرب الظالمة  من   أوضاع بؤس وشقاء ،ومظاهر  تدمير مأساوية ماديه ونفسيه ،  وتدهور مريع في حياه الناس ومعيشتهم وآمنهم   واستقرارهم ، ما زالت حلقاتها   وصورها  البشعة مستمرة حتى اليوم   .

 

لهذا لا غرابه ان نرى الكثير ممن يعانون من هذه الأمراض  ومن غيرها من الأمراض بعد انتشارها بصوره غير مألوفة ، لنجد منهم  من قضى نحبه  ، ومنهم من فقد عقله،  ومنهم من  اصبح في عداد المقعدين ، والأقل  حظا من لحق نفسه ليلتحق برحله علاج لا تتوقف ،  والاوفر حظا  من هرب  من تعاسه الداخل الى سعادة الخارج في رحله النوى والبعد .

 

ما يعزز ويؤكد هذه الحقيقة هي تلك الأبحاث والدراسات العلمية التي صدرت وتناولت  العلاقة بين صحه الانسان  والمؤثرات المحيطة بما في ذلك أنماط السلوك الانساني الإيجابي او السلبي ، وأشكال الإيثار القائمة  في الواقع ، حيث تؤكد البحوث   انه توجد مناطق ( ارتياح ومكافأة )  في الدماغ تنشط بصوره ايجابيه  في حاله الأفعال الحسنه الصادرة او المستقبلة ، حيث  تفرز ماده (السيروتونين ) الهرمون المسؤول عن المزاج الجيد الامر الذي يحسن المناعة ويقلل من الإجهاد (، وبالمقابل هناك مناطق ( الامتعاض ) التي تنشط  حين نواجه الظلم ، وعندما نكون تحت الضغط ، تنتج المزيد من الكورتيزول ، احد هرمونات الإجهاد الذي له اثار صحيه على نظام المناعة لدينا) .

 

كما تؤكد الأبحاث ايضا (ان القلب ليس مجرد عضله ولكنه نوع من الدماغ الثاني يحتوي على حوالي ٤٠٠٠٠ من الخلايا العصبية ) لذلك يستجيب القلب الى العواطف اكثر من الدماغ ، فعند الاستياء ترتفع معدلات ضربات القلب وضغط الدم ، وتفرز ماده الأدرينالين التي تسببها الشده الامر الذي يؤثر مباشره على البنكرياس لينخفض الأنسولين المسؤول عن تنظيم السكر في الدم ،  وعلى النقيض من ذلك فان عدم الاستياء والمعاملة الحسنه والانطباعات الجيدة تخفض كثيرا من الإجهاد الفسيولوجي وتهدئ القلب.

 

وفقا للفهم الواعي والتعاطي  الإيجابي لهذه الحقائق نجد هناك ( في تلك البلدان )  حيث   ينظر للإنسان كقيمه اجتماعيه وثروة قومية عليا ، وككائن كرمه الله وخلقه في احسن تقويم   ، نجد ان  القائمون   كل في مجاله في حاله سباق وتنافس لابتكار كل ما يسر الناظر ويطرب الروح والخاطر لتحقيق الظروف المثالية التي تحقق اعلى معدلات ومعايير الارتياح والانبساط   لإسعاد  الناس ، وازاله كل ما يمكن ان يشكل  اي آذى  حسي او نفسي ، فعلي او لفظي ينتقل الى الدماغ عبر الحواس  .

 

وبالمناسبة علمت ان الامم المتحدة اعتمدت تاريخ ٢٠من مارس من كل عام  يوما ( للسعادة) ، وقرأت ان بلاد اليمن التي كانت توصف (بالسعيدة) كان ترتيبها الاول من البلدان (التعيسة ) في الوطن العربي ، والتاسع في  ترتيب (التعاسة ) في العالم .

ختاما يقول الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه :

رأيت الدهر مختلفا يدور      فلا حزن يدوم ولا سرور

وقد بنت الملوك به قصورا.     فلم تبقى الملوك ولا القصور