بحضور عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، والشيخة خالدية آل خليفة (البحرين)، والسفير رأفت حسن نائب القنصل العام للجمهورية اليمنية في دبي والإمارات الشمالية، وراشد شرار مدير بيت الشعر الشعبي انطلقت مساء أمس الأول في قصر الثقافة فعاليات ملتقى الشارقة للشعر الشعبي والذي استضاف شعراء من اليمن، تضمنت الأمسية ورقة بحثية بعنوان «آفاق الشعر الحُميني في اليمن»، قدمها الدكتور عمر عبدالعزيز، كما قرأ الشعراء سلطان مجلي، محمد الحجاجي، خالد هزاع، زين الله بن سيف، عدداً من نصوصهم في الأمسية التي أدارها الإعلامي والشاعر اليمني رعد أمان.
في تقديمه قال رعد أمان: ليس من الهين استقراء تاريخ وملامح الشعر الشعبي في اليمن، لما لهذا الشعر من تنوع في اللهجات والبيئات واتساع في الرقعة الجغرافية، وكذا لندرة الدراسات والبحوث المتعلقة بالأدب الشعبي بصفة عامة والشعر على وجه الخصوص، والتي لا تسد الفراغ في هذا المجال، على الرغم من أن البيئة اليمنية خصبة ومساعِدة على ظهور ونماء الشعراء وهي تعج بمتذوقي الشعر، وهذا من المفارقات التي تحتم على النقاد والدارسين والمهتمين الوقوف أمامها.
من جانبه أشار د. عمر عبدالعزيز إلى أن الشعر الحُميني في اليمن هو نمط من الشعر الشعبي اليماني المحايث للفصحى، بقدر حضوره الأفقي في اللهجات المحكية، ويستمد هذا النمط من الشعر الخاص أنساقه البيانية من التراث التدويني الذي ينتشر في مكتبات اليمن التاريخية، كما أنه يعبر عن جماليات المكان العامر بالخضرة والمياه، وعن المدن التاريخية وازدهار الحرف ونمو التجارة ما انعكس في أوصاف وغزاليات نصوص الشعر الشعبي الحميني، وأصبح يبحر في زمن الإبداع المتقاطع مع اللحن والغناء والعشق والحكمة.
وعن خصائص هذا النوع من الشعر أضاف عبدالعزيز: يقع الحميني بين الفصحى والعامية، وله حضور واسع في نمط الغناء الساحلي بالخليج العربي، وفي الذاكرة الموسيقية والشعرية المتهادية في سواحل الجزيرة العربية وعمقها الداخلي، ما يعيدنا إلى مربع الوشائج الثقافية الانتربولوجية في الذاكرة العربية. وأشار إلى أن هذا الشعر مرتبط بالبيئات اليمنية المتنوعة حاملاً سماتها وخصوصيتها، وهناك رواد بحثوا في هذا النمط من الشعر مثل محمد عبدالقادر، محمد عبده غانم، وعبدالعزيز المقالح. وقال عبدالعزيز: غالباً ما تندرج أغراض هذا الشعر في الغزل الشفيف، والتغني بالطبيعة والحكمة ووصف المرابع الجبلية والدور والهضاب، بالإضافة إلى السجايا الأخلاقية الحميدة، وهناك نمط يتغنى بالنزعة الحياتية الأبيقورية قرينة الحرية والمتعة، وفي كل الأحوال يترادف ذلك الشعر مع الغناء الفردي والإنشاد الجماعي والرقص. وهناك نمط آخر يرتبط بالهجرة والحنين للأرض والمواسم الزراعية.
و قرأ الشعراء مجموعة من القصائد الوطنية تخللتها بعض القصائد الغزلية والفكاهية. فألقى أولاً الشاعر سلطان مجلي قصائد: وطن، حطه أيدك، زمان الحب، نور من ذهب، وقصيدة بعنوان دين زايد، اتسمت بدلالاتها وثراء تعابيرها في بناء إيقاعي عذب، وجمل شعرية متتالية حملت في ثناياها دقة في الوصف وصوراً عكست دور المغفور له بإذن الله الشيخ زايد وأولاده ومكانتهم في قلوب أبناء اليمن بكل أطيافهم، يقول:
كل دينٍ تستدينه يا يمن نقدر نسدّه
الا دين عيال زايد والله ان تبطي سنينه
كيف زايد صان ما مأرب وعاد امجاد سدّه
كيف ترضا يسيل دم عياله في نفس المدينه
يا يمن دينك يدينك والله اقوى وانت قده
يا يمن واجب عليك ترد للديان دينه
الشاعر محمد الحجاجي قرأ قصائد البوح صحراء، منتي بحاجه عيد، قالت من انت، مرحباً يا عيد، وقصيدة «للمآسي صوت» التي اتسمت بلغة صادقة وصور شعرية تصف حال اليمن وما تشهده من أحداث، يقول:
هجد للمآسي صوت والناي مضنوكه
تهز الظلام وترجف المئذنه وتبيح
وانا صدري بلادن للإوجاع مملوكه
وعن واقع احزان( اليمن) اختنق وآصيح
موايد تخومه تشبع الضيق وتلوكه
وهمه وجع يبطش من الطهر بالتجريح
جباله تئن، ومزنته أرض مسفوكه
تنوشه طعون الوقت... محتاج للتصحيح
خالد هزاع قرأ شعراً صافياً تتلاحم فيه الصورة الشعرية مع اللغة والصدق والعاطفة التي بدت واضحة في معظم أبيات قصائده: من يوم انا شفتك، يستحي حرف القصيد، علموني، آه يا بنت، وفي قصيدة «طويل العمر» منح العبارة فيها بعداً دلالياً عميقاً معبراً عن التضحية والفداء من أجل الوطن، يقول:
أجيك وداخلي نار«ن» لهبها للصليبين
يلي بافكارهم غموا جمال افكارنا غمه
أشوف انك كما «عكا» واشوف اني «صلاح الدين»
واشوف الموت من فاه العدا يرتابني فمه
نخيتك دامني حسبة شراعك لين يوم الدين
تسير هاجسي وان هو غفى يا صاحبي نمه
بعد ذلك قرأ الشاعر زين الله سيف قصيدة «عشتي إمارات» وصفت حب الوطن وقائده بصور شعرية جمالية عذبة، ثم قصائد: يطيب لي، رسالة حب، رسالة لأم الشهيد وهي قصيدة اعتمد فيها الشاعر على لغة شعرية شفافة وتعابير مباشرة مفعمة بالصدق. يقول فيها
يا ام الشهيد انتي افرحي من أجله..
يرقى منازل ما بلغها إنسان..
تلقي النعيم المنتظر من فضله..
وتدخلي من حيث باب الريان..
فخرا في الدنياء ومن عندالله..
في الجنه العظمى وروح وريحان..