" من تاريخ رجالات اليمن".. محمد صالح عولقي أبرز ضحايا طائرة الغدر

إعداد / د. الخضر عبدالله :

سلسلة من تاريخ رجالات اليمن تأتي وفاء لما قدمه المناضلين البواسل لخلـود الاعمال والانجازات العظيمة الـذي ورثها شعبنا منهم كمناضلين صلبـ  سطروا مراحل تاريخية عظيمة أمام أعتى القوى الاستعمارية ذو الصفات العديدة بملك البحار والاسد المخضرم والمغوار المتمثل « بإمبراطورية بريطانيا »  التي لا تغيب عن الشمس وزبانيتها والقوى السياسية المفلسة تاريخيا ومن سار في دربهم ... و شارك الفقيد  محمد عولقي في المراحل القيادية للنضال في تلك الملحمة التاريخية للثورة الشعبية المسلحة التي قادتها طليعة شعبنا التنظيم السياسي للجبهة القومية والتي وصلت شعبنا الى بر الامان بتحقيق النصر بيـوم الاستقلال الوطني وانجاز المكاسب الثورية

نشأته وتعليمه

الشهيد محمد صالح عولقي من مواليد عام 1940م في قرية المصينعة ال عوض بن سالم بمشيخة العوالق العليا، التي غادرها طفلاً الى عدن ليعيش في كنف أخواله علي سالم حصامة وعوض سالم حصامة وهادي سالم حصامة في مدينة الشيخ عثمان، وكانوا من افراد جيش محمية عدن (الليوي .( التحق محمد صالح عولقي بالمدرسة الحكومية الابتدائية للبنين (الشرقية) بمدينة الشيخ عثمان , ثم التحق بعد ذلك بالمدرسة الحكومية المتوسطة للبنين في كريتر (ثانوية لطفي أمان حالياً) وفي العام 1961م تخرج العولقي من ماكان يسمى كلية عدن سابقا وجامعة عدن حاليا"

اول عمل نضالي

كان اول عمل نضالي يحسب للمناضل العولقي  أثناء دراسته في المتوسطة بإحدى مدارس الشيخ عثمان عندما قام مع زملائه بإضراب عام عن الدراسة إحتجاجا على (الهجرة الأجنبية) ليتم لاحقا فصله على اثر الاضراب وفصل معه الشهيد عبدالقادر سعيد طاهر.

العولقي في مصافي عدن

وفي بداية عام 1961م  التحق (عولقي) في شركة الزيت البريطانية(B.P.) بمدينة البريقة والتي كانت تنافس آنذاك مصفاة عبدان بايران، وشكل العمل لمحمد صالح عولقي في مصافي عدن نقلة نوعية كبيرة في حياته. حيث برزت عدة محطات بالإضافة الى توفر مورد مالي مستقل تمثل في الراتب المتميز الذي كان يتقاضاه من المصافي بالمقارنة مع الوظائف الاخرى المتاحة في بقية المرافق. من تلك المحطات كان التحاقه بحركة القوميين العرب وانضمامه الى صفوف الجبهة القومية وانخراطه في العمل النقابي واقترانه بفتاة من أسرة الهيج العولقية المعروفة وكان والدها من العاملين بمصافي عدن."

العولقي القايدي النقابي

وفي عام 1962م وفي ظل  الصراع الحزبي العقائدي الذي القى بظلاله  على حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي ظلاله القاتمة على الساحة العمالية التي شهدت انقساماً حيث انضوى قادة النقابات من حركة القوميين العرب تحت لواء «النقابات الست» , ولقربة ومحبة الناس والعمال ( للعولقي ) داخل  المصافي انتخب سكرتيرا للمصافي من قبل عمال الشركة عام 1964م ثم انتخب امين عام للنقابة العامة لعمال البترول من قبل مجلس المندوبين للبترول في اواخر العام 65م وهذه النقابة هي واحدة من ست نقابات كانت في ذاك الوقت وكانت هذه النقابات ممثلة للطبقة العمالية وهي:

1- النقابة العامة لعمال البترول، 2- نقابة عمال وموظفي البنوك المحليين، 3- نقابة عمال وموظفي أمانة الميناء،

 4- النقابة العامة للمعلمين ،

 5- نقابة عمال وموظفي اتحاد الطيران المدني، 6- نقابة عمال وموظفي البناء والانشاء والتعمير.

انضمام العولقي إلى التنظيم القومي العربي

في العام 62م انضم (العولقي)  الى التنظيم العربي القومي سري كان يعرف ب (حركة القوميين العرب ) وهو التنظيم الذي شكل النواة للجبهة القومية آنذاك "

فقد كان  ( العولقي ) من قيادة النقابة العامة لعمال البترول وبالتالي من قياديي النقابات الست، وكان من زملائه في العمل النقابي محمود عشيش وحسن فرحان ومحمد سالم عبدالله ومحمد عبدالله الطيطي وعبدالقادر أمين وأبوبكر شفيق وحسين دقمي وعبدالله عبدالمجيد السلفي وغيرهم.

اول اضراب نقابي واعتقال العولقي

لعب محمد صالح العولقي دورا اساسيا في انعقاد المجلس التنفيذي للنقابات الست على خلفية توقيف شركة الزيت البريطانية لأكثر من 20 عاملا من ابناﺀ الجنوب وخلص الاجتماع بإرسال انذار خطي بالأضراب العام ان لم تنفذ مطالب العمال وبالفعل نفذت النقابات تهديدها وشكلت اضراب عاما للعمال في المجالات الستة وبمساعدة من الجبهة القومية حيث  شلت خلاله حركة والموانئ والمواصلات والاتصالات وكذا التعليم والنفط كدليل على نجاح الاضراب الذي كان في شهر اكتوبر 65م-, و يشار الى انه اول اضراب عمالي  ينفذ في دولة الجنوب - وفي اليوم التالي الذي تلا الاضراب قامت سلطات الاحتلال بإعتقال العولقي ومجموعة من الشخصيات بإعتبارهم المدبرين للإضراب وعلى غرار المعتقلين الأخرين تعرض العولقي لأبشع انواع التعذيب لدرجة انه اشيعت اخبار انه قتل اثر التعذيب ولإخفاء حالته الصحية رفضت السلطات البريطانية الافراج عنه الا بعد عشرة اشهر فيما افرجت عن الأخرين خلال مدة اقصاها ثلاثة اشهر كدليل على دوره البارز في إنجاح الاضراب .

 يذكر ان النقابة العامة رفعت ببرقية الى المندوب السامي بعد الاعتقال مباشرة للافراج عن ( العولقي ) مالم فإنها ستصعد الاضراب لمدة 3 ايام اخرى ولكن الاخير رفض "

الخروج  من السجن وتولي المناصب

 بعد خروجه من السجن  وفي المؤتمر الثالث للجبهة القومية تم انتخابه عضوا عاما في قيادة الجبهة في اللجنة التنفيذية ومسؤولا عن منطقتي باكازم والواحدي بعد سقوط الحكم السلاطيني فيهما.

وخلال التفاوض مع بريطانيا على الاستقلال عام67م قامت الجبهة القومية بتشكيل ما عرف بحكومة الظل"

العولقي في اللجنة التنفيذية للجبهة القومية

بعد تنحي الرئيس قحطان محمد الشعبي عن مهام مناصبه في 22 يونيو 1969م شكلت القيادة العامة للجبهة القومية لجنة تنفيذية جديدة من التالية اسماؤهم: عبدالفتاح اسماعيل، اميناً عاماً وعضوية كل من: سالم ربيع علي ومحمد علي هيثم وعلي أحمد ناصر عنتر ومحمد صالح عولقي ومحمود عبدالله عشيش وعبدالله الخامري وعلي صالح عباد مقبل وعلي سالم البيض.

العولقي وزيراً في حكومتي قحطان وعلي ناصر

سيلاحظ في سياق هذه الفترة أن قدر محمد صالح عولقي قد ارتبط بقدر علي سالم البيض، حيث صدر القرار الجمهوري رقم (20) لعام 1968م بتاريخ 20 أبريل 1968م للرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي والذي قضى بتعيين محمد صالح عولقي وزيراً للدفاع (بدلاً من علي سالم البيض)، وقضى القرار نفسه بتعيين عبدالله علي عقبة، وزيراً للثقافة والإرشاد وشؤون الوحدة (بدلاً من عبدالفتاح اسماعيل). احتفظ محمد صالح عولقي بمهام منصبه وزيراً للدفاع في حكومة فيصل عبداللطيف الشعبي التي شكلت في ابريل 1969م.

اصدر الرئيس الراحل سالم ربيع علي القانون رقم (42) في اغسطس 1971م بتشكيل مجلس الوزراء برئاسة علي ناصر محمد، وكانت حقيبة الخارجية من نصيب محمد صالح عولقي."

لقاء طرابلس واختيار العولقي

شهدت مدينة طرابلس، عاصمة الجماهيرية الليبية اللقاء التاريخي بين القاضي عبدالرحمن الارياني، رئيس المجلس الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية وسالم ربيع علي، رئيس مجلس الرئاسة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خلال الفترة 28-29 نوفمبر 1972م وتمخض اللقاء عن تشكيل عدد من اللجان الوحدوية منها «لجنة الشؤون الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي» وأعضاؤها: غالب علي جميل وأحمد الارياني وعلي محسن حميد ومحمد صالح عولقي ومطلق عبدالله حسن وسالم باجميل."

العولقي  و طائرة الموت

تداعى دبلوماسيو اليمن الديمقراطية في الخارج مع قيادة وزارة الخارجية لحضور «مؤتمر الدبلوماسيين» في أواخر ابريل 1973م ونضم للمشاركين برنامج خاص لزيارة بعض المناطق في الجمهورية وتم نقلهم في طائرتين.

بعد اقلاع الطائرتين من مطار عتق في 30 أبريل 1973م في طريقهما الى حضرموت انفجرت إحدى الطائرتين وكانت من طراز داكوتا التي كانت تقل محمد صالح عولقي، وزير الخارجية وعدداً من الدبلوماسيين منهم سيف احمد ضالعي وعبدالباري قاسم ونورالدين قاسم وعبدالله محمد بن سلمان وأحمد صالح الشاعر والقاص محمد عبدالولي وأحمد بن دحمان ومهدي صالح جعفر ومحمد هيثم ومحمد أحمد البيشي وفضل أحمد السلامي وعبدالقادر السلامي وغيرهم.

دون الشعب مشاعر حزنه وسجل التاريخ أن الجبهة القومية خسرت خيرة رجالها في ذلك الحادث المفجع الذي استهدف ذوي الرجاحة والحصافة".