آخر تحديث :الأربعاء-30 أبريل 2025-02:09ص
أخبار وتقارير

المقطار تشق طريقها إلى الحياة.. بين قسوة الجبال وعزيمة الناس تتولد المعجزة

الإثنين - 21 أبريل 2025 - 03:50 م بتوقيت عدن
المقطار تشق طريقها إلى الحياة.. بين قسوة الجبال وعزيمة الناس تتولد المعجزة
((عدن الغد))خاص.

تقرير/هارون إبراهيم الواقدي

في أعالي جبال مديرية الجعفرية بمحافظة ريمة، وتحديدًا في منطقة المقطار – عزلة بني واقد، تتجسد قصة صمود قلّ نظيرها حيث لا توجد دولة، تخلق الناسُ دولتهم، وحيث تغيب الإمكانيات، تصنع الإرادة المعجزات.

على امتداد خمسة كيلومترات من الجبال الوعرة، نجح أبناء المنطقة في شق طريق فرعية بأدوات بسيطة وتمويل مجتمعي ذاتي، في ملحمة استمرت ثلاث سنوات، وتحدّت صعوبات لا تُحصى.

غياب الدولة... وحضور الإنسان

لأعوام طويلة، عاشت منطقة المقطار في عزلة شبه تامة. لا طرق ممهدة، ولا وسائل نقل، ولا خدمات أساسية. لكن مع تلاشي الأمل الرسمي، نهض أمل آخر، جاء من أبناء المنطقة أنفسهم – داخل الوطن وخارجه – ليجمعوا التبرعات، ويوفروا المعدات، ويبدأوا ما يشبه المستحيل.

بدأ العمل من مفترق سوق الحدية، وتعاقبت مراحل المشروع وسط تحديات كثيرة؛ أبرزها نقص الوقود وغياب المواد التشغيلية، لكن العزيمة كانت أكبر من العقبات.

مهندس المشروع... وجه الأمل

في صدارة هذا الجهد يقف المهندس رشيد عبدالله غالب عباس السامدي، الذي آثر العمل التطوعي دون مقابل، إيمانًا بواجبه تجاه منطقته. تجاهل العروض المغرية، وفضّل أن يضع بصمته في مشروع يُغير حياة الآلاف.

يصفه المشرف الميداني ناجي عبدالله علي بأنه "روح المشروع"، فيما يرى فيه الأهالي مثالًا يُحتذى به في التضحية والالتزام.

دور قيادي ومجتمعي فاعل

لم يكن النجاح ممكنًا لولا الدعم المجتمعي والتنسيق الفعّال، وعلى رأسهم عضو مجلس الشورى الشيخ محمود الواقدي، الذي لعب دورًا محوريًا في تحفيز الناس وتأمين الدعم المالي والمعنوي. لم يكن مجرد ممول، بل قائد مجتمعي حاضر في كل التفاصيل، بحسب ما أكده المشرفان يوسف علي حيدر وناجي عبدالله علي.

كما أشاد أحد المشرفين "علي قايد سعد" بالدور البارز لمؤسسة بنيان، التي أسهمت في تمويل المرحلة الأولى من المشروع، حيث منحت المؤسسة الدفعة الأولى من الدعم بواقع أربعة آلاف رتل من الديزل، تلتها دفعة ثانية بلغت ألفي رتل، ولا يزال الجميع بانتظار الدفعة القادمة. ويُعد هذا الدعم مساندة حقيقية للمشروع، ساهمت في استمراريته وتخفيف أعباء التشغيل.

الطريق لم تكتمل بعد... والنداء مستمر

رغم الإنجاز الكبير، لا تزال هناك قرابة اثنين كيلو بحاجة إلى استكمال. ويأمل الأهالي أن تلتفت الجهات المختصة وفاعلو الخير لإتمام المشروع الذي بات شريان حياة حقيقي، يسهل نقل المرضى، ويفتح آفاق التعليم، ويعزز فرص التنمية.

ختام: مسؤولية مشتركة... وأمل لا ينطفئ

ليست هذه مجرد طريق... بل شاهد حي على ما يمكن أن تصنعه إرادة الناس حين تغيب الدولة وتبقى الحاجة. مشروع طريق المقطار لم يكن سهلًا، لكنه أنجز بأيدي أبنائه وبجهودهم الخالصة.

واليوم، وقد قطعوا الجزء الأصعب، يبقى الأمل في استكمال ما تبقى من الطريق – بدعم الجهات المعنية وفاعلي الخير. فاستمرار هذا المشروع مسؤولية إنسانية، وفرصة حقيقية لتغيير حياة مئات الأسر نحو الأفضل.