في إطار متابعتنا المستمرة لأهم القضايا التنموية والاقتصادية التي تمس حاضر اليمن ومستقبله، كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الخبير والباحث الاقتصادي الأستاذ فارس النجار، أحد أبرز الأصوات المعنية بالاقتصاد السياسي في المنطقة، والمختص في تحليل واقع الدول الهشة والتحديات التنموية التي تواجهها، وخاصة اليمن.
في هذا الحوار، نتناول معه تأثير التغيرات المناخية على الاقتصاد اليمني، وحجم التهديدات التي تلوح في الأفق، والفرص الممكنة لتجاوزها، ودور القطاع الخاص في التخفيف من آثارها.
س1: عرفنا عن نفسك، وما طبيعة عملك؟
ج1: أنا فارس النجار، خبير وباحث اقتصادي وكاتب مختص في شؤون الاقتصاد السياسي. أعمل حاليًا على إعداد دراسات واستشارات اقتصادية، وتقديم تحليلات مرتبطة بالتحديات المالية والتنموية في الدول الهشة، مع تركيز خاص على اليمن. كما أشرف على برامج تدريب وتأهيل في مجالات الاقتصاد، التنمية، والتجارة، وأسعى دائمًا إلى ربط التحليل الاقتصادي بالحلول العملية القابلة للتطبيق.
س2: ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية المتأثرة بالتغيرات المناخية في اليمن؟
ج2: الزراعة والموارد المائية تأتي في مقدمة القطاعات المتضررة، بسبب الجفاف المتكرر، تراجع الأمطار، ونضوب المياه الجوفية، وهو ما أدى إلى انخفاض إنتاج المحاصيل وارتفاع أسعار الغذاء. كذلك، تأثر قطاع الصيد البحري نتيجة لتغير درجات حرارة المياه. حتى الصحة العامة لم تسلم، إذ زادت معدلات الأمراض المرتبطة بالمناخ مثل الكوليرا والملاريا، في ظل هشاشة النظام الصحي.
س3: هل هناك دراسات تقدر حجم الخسائر الاقتصادية المتوقعة بسبب التغيرات المناخية في اليمن؟
ج3: نعم، فوفقًا لتقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي، اليمن من أكثر الدول هشاشة مناخيًا. وقد تُفقد ما بين 3 إلى 6% من ناتجها المحلي سنويًا بسبب هذه التغيرات. كما تشير بعض الدراسات إلى أن أكثر من 50% من الأراضي الزراعية قد تفقد خصوبتها خلال العقود القادمة، ما يعني تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي.
س4: كيف يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في الحد من آثار التغير المناخي؟
ج4: عليه دور كبير، من خلال الاستثمار في تقنيات الري الحديثة، واستخدام الطاقة الشمسية، وتشجيع الزراعة المستدامة. كما يمكنه دعم مشاريع إعادة التدوير، واستخدام النفايات كمصدر للطاقة، وإنتاج سلع صديقة للبيئة. دعم الابتكار المحلي في مجالات المياه والطاقة والزراعة سيخلق أثرًا اقتصاديًا وبيئيًا مزدوجًا.
س5: ما هي أبرز الأمثلة العملية على مشاريع الطاقة المتجددة في اليمن؟
ج5: من أبرزها انتشار استخدام أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل، خاصة في المناطق التي دُمرت فيها شبكة الكهرباء. كما ظهرت مبادرات مجتمعية لتوفير الطاقة النظيفة في المدارس والمراكز الصحية. ومن المشاريع النموذجية، تركيب أنظمة شمسية في عدد من المستشفيات بتمويل مشترك بين منظمات دولية ومحلية.
س6: ما أبرز التحديات التي تواجه هذه المشاريع في الداخل اليمني؟
ج6: التحديات عديدة، أبرزها غياب الاستقرار الأمني، وضعف الإطار القانوني، وشح التمويل. يضاف إلى ذلك تدهور العملة، وضعف الوعي المجتمعي، وندرة الكفاءات المتخصصة في تركيب وصيانة أنظمة الطاقة المتجددة.
س7: هل هناك مشاريع ناجحة رغم هذه التحديات؟
ج7: نعم، هناك قصص نجاح ملهمة. من أبرزها مشاريع الطاقة الشمسية التي نفذتها منظمات مثل GIZ وUNDP، والتي ساعدت في توفير الطاقة لمدارس ومستشفيات، وتشغيل مضخات مياه بالطاقة الشمسية في مناطق مثل تهامة والجوف. كما ظهرت مبادرات محلية في صنعاء وعدن وتعز لإنشاء شبكات كهرباء صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية.
س8: ما هي رسالتك للمجتمع اليمني اليوم؟
ج8: رسالتي أن التغير المناخي ليس خطرًا مؤجلًا بل هو واقع نعيشه. علينا أن ندرك حجم التهديد، ونتحرك كأفراد ومجتمع لدعم الزراعة المستدامة، والطاقة النظيفة، والمبادرات البيئية. دعم الشباب والمبادرات المجتمعية هو الطريق لبناء يمن قادر على التكيّف والمواجهة.
كلمة أخيرة:
أتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ محمد وحيد ولصحيفة عدن الغد على هذا الحوار القيم. كانت الأسئلة دقيقة وواعية، عكست اهتمامًا حقيقيًا بقضايا مصيرية كقضية التغير المناخي، وأثره على اليمن والإنسان اليمني. نحتاج دومًا إلى هذا النوع من الإعلام المهني الذي ينير الطريق ويمنح القارئ معرفة حقيقية وواعية.