حاوره /نشوان سليمان
مقدمة الحوار:
في لحظة فارقة من عمر االقضية التهامية بعد وفاة القائد عبدالرحمن حجري تقف تهامة – هذا الإقليم العريق الذي طال تهميشه – على مفترق طرق بين الغضب الصامت والانفجار المفتوح. ومع اشتداد الصراع وتعقّد التحالفات وتكرار مشهد الإقصاء، يعلو صوت اللواء خالد خليل، مؤسس وقائد الحراك التهامي، ليرسم ملامح رؤية وطنية جريئة وموقف صلب يعيد لقضية تهامة مكانتها في خارطة المشهد اليمني. “عدن الغد” التقت اللواء خليل في حوار شامل، فتح فيه الملفات السياسية والعسكرية والإنسانية، ووجّه رسائل حاسمة للحكومة الشرعية، والتحالف العربي، وأبناء تهامة، والمجتمع الدولي. فإلى تفاصيل الحوار:
بداية كيف تلقّيتم خبر وفاة القائد عبدالرحمن حجري، وما هي دلالات هذه الخسارة بالنسبة للحراك التهامي؟
تلقينا خبر استشهاد القائد عبدالرحمن شوعي حجري ببالغ الحزن والأسى وبهزة وجدانية عميقة ليس فقط لكونه أحد القادة الميدانيين البارزين بل لأنه كان رمزًا من رموز النضال التهامي الصادق والمخلص.
فقد كان رحمه الله صوتًا حرًا لا يساوم على مبادئه ومثالًا حيًا للفدائي الذي وهب حياته لقضيته.
خسارته تمثل جرحًا غائرًا في جسد الحراك التهامي وفي قلوب كل الأحرار من أبناء تهامة لما مثله من التزام ونقاء ومسؤولية خصوصًا في لحظة سياسية حساسة كان فيها الحراك يتجه نحو إعادة ترتيب صفوفه ومضاعفة حضوره التهامي.
# ما الدور الذي لعبه الفقيد في مسيرة الحراك التهامي، وكيف ستؤثر وفاته على مسار الحراك في هذه المرحلة؟
الشهيد عبدالرحمن حجري كان من أوائل الرجال الذين وقفوا في وجه الظلم وكان حجر زاوية في تأسيس الفعل المقاوم داخل تهامة ثم في التحامه المبكر بالحراك التهامي السلمي مؤمنًا بضرورة التوازن بين الكفاح الشعبي والسياسي. كان له دور بارز في تمثيل
صوت المهمشين والمناضلين داخل الحراك وكان صوته دائمًا معبرًا عن وجع الناس وهمومهم وتطلعاتهم.
رحيله فاجعة لكنه لن يكون نقطة ضعف بل سيكون حافزًا لنا جميعًا للاستمرار على دربه وتصعيد نضالنا المشروع حتى تتحقق أهداف الحراك وتُستعاد الحقوق المغتصبة وتُبنى تهامة الكريمة الحرة العادلة.
وفاؤنا له سيكون في الحفاظ على المبادئ التي سقط من أجلها وتوحيد الصفوف والتقدم بثبات نحو الدولة العادلة.
ما دوافع إعادة هيكلة الحراك التهامي والمقاومة التهامية في هذا التوقيت؟
إعادة هيكلة الحراك التهامي والمقاومة التهامية في هذا التوقيت جاءت استجابة لحاجة ملحة فرضتها المرحلة وتماشيًا مع متغيرات الواقع السياسي والميداني في اليمن والمنطقة.
فقد أدركنا أن استمرار العمل بأساليب وأطر مشتتة لم يعد مجديًا وأن توحيد الكلمة والقيادة هو السبيل لضمان تمثيل حقيقي وفاعل لتهامة وقضيتها.
التوقيت يعكس وعيًا جماعيًا بأهمية الانتقال من حالة رد الفعل إلى الفعل المنظم وبأن الحراك يجب أن يرتقي إلى مستوى قيادة المرحلة ببرنامج سياسي واضح وهيكل تنظيمي قادر على الفعل والمبادرة والتفاوض والدفاع عن الحقوق التهامية في كافة المحافل.
# ما أبرز التغييرات التي طرأت على الهيكلة الجديدة، وما الأهداف المرجوة منها؟
أبرز التغييرات تمثلت في دمج المقاومة التهامية ضمن هيكل الحراك التهامي تحت قيادة موحدة ذات طابع سياسي تنظيمي مما يحقق توازنًا بين العمل الشعبي والمقاوم ويوفر منصة موحدة لصوت تهامة.
كما شملت الهيكلة إنشاء دوائر تنظيمية إعلامية وسياسية..وقانونية....ووووغيرها من الدوائر تعنى كل منها بجانب من جوانب العمل بما يعزز الكفاءة ويضمن وضوح المهام والمسؤوليات. الأهداف المرجوة من هذه الخطوة هي:
• توحيد القرار التهامي.
• تعزيز الحضور السياسي والإعلامي والحقوقي.
• التهيئة الجادة لبناء إقليم تهامة ضمن دولة اتحادية عادلة.
• استعادة الحقوق ورفض التهميش والدفاع عن الأرض والهوية التهامية.
# هل هناك رؤية موحدة تقود هذه التغييرات؟ ومن يقف خلفها؟
نعم هناك رؤية موحدة وشاملة تقود هذه التغييرات على مبادئ واضحة ( العدالة- المواطنة المتساوية- الكرامة- الشراكة- والتمثيل الحقيقي). وقد تم تبني هذه الرؤية من قبل قيادة الحراك التهامي بالتوافق مع قيادات المقاومة التهامية والكوادر التهامية في الداخل والخارج.
من يقف خلف هذه الرؤية هم أبناء تهامة الأوفياء لقضيتهم المؤمنون بالعمل المنظم والساعون لحل عادل وشامل يضمن لتهامة دورها ومكانتها في الدولة اليمنية الاتحادية القادمة دون وصاية أو تهميش.
# هل تم التشاور مع كافة المكونات والشخصيات التهامية قبل إعلان الهيكلة الجديدة؟
عندما شعر ابناء تهامة باستشهاد القائد المناضل الشيخ عبدالرحمن حجري بأن هناك فراغ بقيادة الحراك مما زاد من اندفاعهم في تجمعات وتكتلات كل منهم يريد قيادة حسب رؤيته هو مما دفع قياديين بالحراك باجتماع وبحضور الدكتور الحسن طاهر محافظ محافظة الحديده لحسم قائمة تشكيل قيادة الحراك بصورة سريعه وعاجله قبل ان يصير هناك انشقاقات في صفوف الحراكيين.
ونحن الان نجري مشاورات شملت طيفًا واسعًا من القيادات التهامية داخل الوطن وخارجه مدنية وعسكرية شبابية ونخبوية بما في ذلك شخصيات مستقلة وممثلين عن المبادرات والمقاومة والحراك. وحيث بدأنا بزيارة الكتلة البرلمانية لمحافظة الحديده واوضحنا لهم وجه اللبس الذي حصل واخذ مباركتهم وتأييدهم لقيادة الحراك التهامي المشكله. حرصنا على أن تكون هذه المشاورات شاملة بقدر ما تسمح به الظروف مراهنين على الوعي الجمعي بأن المرحلة تقتضي تجاوز الحسابات الضيقة.
ومع إدراكنا أنه لا يمكن الوصول إلى إجماع كامل في العمل السياسي فقد سعت القيادة إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين مع فتح الباب للجميع للانضمام والمشاركة في المسار الجديد.
# كيف تردون على من أعلن انسحابه أو اعتراضه على بعض الأسماء المختارة؟
نحن نحترم كل الآراء ونتفهم تحفظات البعض ونعتبر أن الاختلاف ظاهرة صحية في أي عمل ديمقراطي. الهيكلة ليست مغلقة وليست نهائية بل هي مرحلة تأسيس قابلة للتطوير والمراجعة.
والسبب في انسحاب البعض جاء نظراً لتسريب لقائمة تشكيل القيادة المقترحه والتي لم يتم البت فيها وللاسف انتشرت في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي مما شعر البعض بالاستياء لعدم ابلاغه وتم مراجعتهم وتأييدهم للقائمة المقترحه ومما دعانا المضي قدماً بهذه القائمة.
فهناك متربصين يراهنون على فشل قيادة الحراك التهامي في الهيكلة والعمل المؤسسي والتنظيمي.
الان ما نطلبه من الجميع هو تغليب مصلحة تهامة العليا على الخلافات الشخصية أو الحساسيات التنظيمية. الأسماء قد تكون قابلة للتبديل لكن المشروع لا يحتمل التأجيل ومسؤوليتنا الجماعية هي أن نكون على قدر التحدي لا أن نقف عند التفاصيل.
# ما الخطوات التي ستتخذونها لتجاوز الخلافات وضمان وحدة الصف التهامي؟
نعمل على تفعيل لجان للتواصل والتقريب بين المكونات وفتح قنوات حوار مباشرة مع كل من لديه ملاحظات أو تطلعات للمساهمة كما أننا بصدد عقد لقاءات تشاورية موسعة لتطوير الرؤية والبناء التشاركي.
نؤمن أن الوحدة لا تُفرض بل تُبنى بالحوار والثقة والتنازلات المتبادلة.
ولذلك نحن نمد أيدينا للجميع ونؤكد أن الحراك التهامي ليس ملكًا لفرد أو مجموعة بل هو ملك لشعب تهامة بأكمله وصوته الجامع.
#. ما الأسباب التي دفعت إلى فصل الحراك التهامي عن المقاومة التهامية وتعيين قيادة مستقلة لكل منهما؟
ليس هناك فصل بين الحراك التهامي والمقاومة
التهامية كما يظنه البعض الا ان إدراكًا لطبيعة الأدوار المختلفة لكل منهما وحرصًا على تعزيز الفعالية التنظيمية وتوضيح المهام وتوزيع المسؤوليات وفقًا لمقتضيات المرحلة.
فالمقاومة التهامية هي مكون هام من مكونات الحراك التهامي كمقاومة تهامية شعبية انبثقت من صلب الحراك التهامي فليس هو فصل بل هو من باب التخصص والتكامل تحت اطار قيادة الحراك التهامي حيث يخدم كل منهما الآخر في إطار هيكل الحراك التهامي الشامل.
وقد تم التوافق على هذا التوجه بالتشاور مع القيادات التهامية من منطلق الحاجة إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي بمرونة وواقعية.
كيف تقرأون المشهد السياسي الراهن في اليمن؟
المشهد السياسي يعاني من انسداد حاد وتكرار للأخطاء القديمة، حيث لا تزال مراكز النفوذ التقليدية في شمال الشمال تحتكر القرار وتعيد إنتاج نفسها بأدوات جديدة ولكن بعقلية الإقصاء ذاتها. تهامة، رغم تضحياتها المبكرة، ما زالت مغيّبة، وما لم يُعاد النظر في طبيعة التمثيل السياسي وبنية الشرعية، فإن البلاد ماضية نحو مزيد من التفكك.
- لماذا لا تزال مراكز القوى في شمال الشمال مهيمنة على القرار رغم كل التحولات؟
لأن تلك المراكز اعتادت الحكم والسيطرة. تغيرت الواجهات، من حزب إلى تحالف إلى مسمى دولة، لكن النفوذ بقي نفسه. هم لا يقبلون بشراكة حقيقية، ويواصلون تهميش تهامة وكأنها ليست جزءًا من هذا الوطن. ما نحتاجه هو عقد وطني جديد يضمن العدالة والمساواة والتمثيل المتكافئ.
- كيف تقيمون الدور الأمريكي في اليمن؟ وهل أثّر فعليًا على الحوثيين؟
التدخل الأمريكي ركّز على مكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة، وليس على دعم استعادة الدولة. الحوثي استغل هذا الوضع وروّج لنفسه كقوة مناهضة للهيمنة، بينما لم يكن هناك ضغط حقيقي لنزع سلاحه. الغارات الأمريكية الأخيرة أضرت بالحوثيين لكنها لا تكفي. لا بد من تدخل بري تحت قيادة موحّدة، ونحذر المدنيين من الاقتراب من المنشآت المستهدفة حفاظًا على حياتهم.
- إذاً، هل تؤيدون التدخل البري؟ وما موقف الحراك التهامي منه؟
نعم، نحن في الحراك والمقاومة التهامية مستعدون للدفاع عن أرضنا. لكننا لن نقبل أن يُطلب منا القتال ثم نُقصى. نريد شراكة حقيقية في القرار، في الحرب وفي السلام. أبناء تهامة موجودون، جاهزون، لكن يجب احترامهم ومنحهم حقهم.
- ما الذي يمكن فعله لتجنيب تهامة مزيدًا من المعاناة؟
على الجميع الاعتراف بحق التهاميين في إدارة شؤونهم. لا نطالب بالصدقة بل بالعدالة. نريد تمكينًا سياسيًا وعسكريًا يضمن حماية أرضنا وكرامة أهلنا. التهميش المستمر يدفع نحو الانفجار، ولا يمكن الاستمرار في تجاهل هذا الواقع.
- ما خطوات الحراك التهامي في مواجهة هذا التهميش؟
بدأنا بالتصعيد السياسي والإعلامي، ونعمل على عقد مؤتمر تهامي جامع يفرز قيادة شرعية تمثّلنا بصدق، وسنواصل التحرك القانوني والحقوقي لانتزاع حقوقنا.
- ماذا عن وضع النازحين التهاميين؟
النازح التهامي يُستخدم في إحصائيات المنظمات فقط، دون رعاية حقيقية. الآلاف يعيشون بؤسًا، وقضيتهم مغيبة تمامًا عن القرار. نطالب بإعادتهم إلى ديارهم بكرامة، وتعويضهم وتمكينهم سياسيًا واجتماعيًا.
- رغم تضحيات أبناء تهامة، لماذا ما زالوا مغيبين عن التكتلات السياسية؟
لأن هناك من يتعامل مع تهامة كأنها هامش لا حق له في القرار. دماء الشهداء التهاميين لا تقل قيمة عن غيرهم، وقدّمنا رجالنا في الصفوف الأولى. نرفض هذا الإقصاء، وسنواجهه بخياراتنا الوطنية. تهامة لن تقبل التبعية بعد اليوم.
- كيف تفسرون غياب التنمية في المديريات المحررة من الحديدة؟
لأن الدولة لم تحضر. الأرض تحررت بفضل المقاومة التهامية والوية العمالقة وبدعم سعودي إماراتي، لكن غابت المشاريع والخدمات. تهامة ليست ساحة قتال فقط بل أرض تستحق الحياة، وما لم يتغير هذا المنطق، فسنواجه انفجارًا شعبيًا مشروعًا.
- ما رسالتكم للحكومة الشرعية؟
نقول بوضوح: تهامة ليست مكافأة لأحد. إن لم تنال حقها في التمثيل والتنمية، فإن صبر أبنائها سيتحوّل إلى غضب، والمظلومية إن طالت ستنقلب إلى ثورة.
- وماذا عن التحالف العربي؟
نذكّركم بأن تهامة كانت ولا تزال جبهة متقدمة في مواجهة الحوثيين. أبناء تهامة يتساءلون عن نصيبهم من الدعم ومن الإنصاف. المطلوب هو شراكة حقيقية، لا تهميش مقصود.
- رسالتكم لأبناء تهامة؟
وحدتكم هي سلاحكم. لا تنتظروا أحدًا يمنّ عليكم بحقوقكم. الحراك التهامي هو بيتكم وصوتكم، فكونوا كما عهدناكم: أحرار، صامدين، لا تقبلون الذل ولا التبعية.
- ما رؤيتكم لمستقبل تهامة؟
نريد تهامة إقليمًا حرًا يُدار بأيدي أبنائه، ضمن يمن اتحادي عادل. نؤمن ببناء مؤسسات حقيقية، وتدريب كوادر شبابية، وانتزاع تمثيلنا الكامل في الدولة. المستقبل لن يُمنح بل يُنتزع، ونحن ماضون نحوه.
- هل تؤيدون خيار الحكم الذاتي؟
نعم، وبقوة. الحكم الذاتي ليس انفصالًا، بل استعادة للحق. نطالب بضمانات واضحة، أولها التمثيل السياسي، وثانيها الإدارة المحلية، وثالثها وقف تدخل مراكز النفوذ.
- كيف تقيّمون دور أبناء تهامة في الخارج؟
هم ذخيرتنا في المعركة السياسية والإعلامية. نعمل على تفعيل التنسيق معهم، والاستفادة من إمكانياتهم في أوروبا والخليج وأمريكا لإيصال صوت تهامة للعالم.
- كلمة أخيرة؟
تهامة لن تعود إلى الصمت. لن تُسكتها التهميش بعد اليوم. لن نقبل أن نُعامل كغرباء في أرضنا. نحن أبناء تهامة، وسننتزع حقنا، وسنُعيد صوت الأرض والكرامة بأيدينا. النصر يبدأ من الوعي، ثم التنظيم، ثم القرار… ونحن نسير في هذا الطريق، حتى تستعيد تهامة مكانتها التي تستحق.