تقرير استطلاعي
أعده رائد الغزالي
تعيش ردفان في محافظة لحج، مثلها مثل العديد من المناطق في المحافظات الجنوبية في اليمن، التي تخضع لسيطرة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات والمجلس الرئاسي وحكومة المناصفة في عدن بين الشرعية والمجلس الانتقالي،
أسوأ موجة غلاء نتيجة تدهور سعر صرف العملة المحلية، الريال اليمني، أمام العملات الأجنبية وسوء الإدارة من قبل الحكومة، مما أدى إلى أزمة معيشية خانقة تعاني منها اليمن بشكل عام، وأثرت بشكل كبير على حياة المواطنين البسطاء الذين يمثلون غالبية الشعب، مما أفقدهم القدرة الشرائية.
ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك لعام 1446 هـ، تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعًا غير مسبوق، مما زاد من معاناة الأهالي الذين يعاني معظمهم من ظروف معيشية صعبة للغاية.
وعلى الرغم من اقتراب العيد، إلا أن الكثير من المواطنين لم يستطيعوا بعد شراء أضحية العيد، حيث بلغ سعر الأضحية الأدنى 150 ألف ريال، وذلك بسبب عدم قدرتهم على مواجهة الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي، بالإضافة إلى متطلبات العيد الأخرى.
وقد حمّل المواطنون، في أحاديثهم لـ عدن الغد
الحكومة المسؤولية عن ارتفاع الأسعار وانهيار العملة وتدهور الأوضاع في ردفان والبلاد بشكل عام.
- عائلات تعيش تحت خط الفقر المدقع
يقول الأستاذ محمد ناشر مانع، وهو موظف في التربية والتعليم منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا ويعاني من هموم كثيرة بسبب الظروف الصعبة، إن وضع العائلات في جنوبنا العزيز مأساوي.
فالكثير من الناس يعيشون في حالة بائسة، وأصبحت العائلات تحت خط الفقر المدقع.
وهناك مشاكل تضاعف الأعباء على كاهل العائلات، حيث أن معظم الأضاحي في العيد تم شراؤها بالدفع الآجل.
في حين استسلمت العديد من العائلات لعدم شراء الأضاحي بسبب عجزها عن توفير قيمتها، حتى بالدفع الآجل، ناهيك عن توقف الكثير من العائلات عن شراء ملابس جديدة لأبنائها. كل هذا يحدث نتيجة للسياسات الفاشلة والفساد الكبير الذي تنتهجه الحكومة والمجلس الرئاسي، الذي نجح بالفعل في تحويل مجتمعنا إلى مجتمع طبقي، حيث توجد طبقة من العائلات الأكثر فقراً وأخرى من العائلات الأكثر ثراءً. وقد كانت دولتنا قد نجحت سابقاً في القضاء على هذه الطبقات واستئصالها من جذورها.
- صراخ من شدة الجوع
ويقول الأستاذ جمال مثنى،ناطق باسم فئة المهمشين في ردفان:
نستقبل عيد الأضحى المبارك في ظروف فقر غير مسبوقة، حيث يعيش الناس البسطاء بشكل عام والمهمشون بشكل خاص أوضاعًا مزرية للغاية.
فنحن المهمشون نمر بأسوأ مراحل الحياة، وقد تزامن ذلك مع انقطاع المساعدات الإنسانية بسبب القرارات الأمريكية التي حكمت على هذه الفئة بالموت المحتم، وهناك صراخ من شدة الجوع
ويضيف أن فرحة عيد الأضحى المبارك لن تكون حاضرة مع المهمشين وأطفالهم هذا العام، فلا ملابس جديدة ولا مواد أساسية في المنازل. الآباء يذهبون إلى المجازر لجمع رؤوس الأغنام وإحضارها لأسرهم، لعدم قدرتهم على شراء الأضاحي.
فهناك من يتألم من غلاء الأسعار رغم أنه يتقاضى راتبًا حتى وإن كان زهيدًا. فكيف سيكون حال من يعيشون في فقر مدقع بلا رواتب أو إعانات أو مساعدات، وغير قادرين على توفير ثمن كيس دقيق مثل فئة المهمشين.
- الفرحة المفقودة
كيف يمكنني أن أحتفل بعيد الأضحى بينما لا أستطيع توفير لقمة العيش لأطفالي؟" هكذا عبّر المواطن ناصر ثابت عبادي، الذي يواجه ظروفًا صعبة للغاية، عن استعداده لاستقبال عيد الأضحى المبارك، حيث لم يتمكن من توفير الأضحية لعائلته الكبيرة.
وأضاف: "يأتي عيد الأضحى، لكن الفقر والجوع يرافقاننا، ليس لدينا أضحية ولا فرحة كاملة. نحن بحاجة إلى من يسمعنا ويساعدنا، وليس إلى وعود فارغة.
المواطن ناصر، الذي عمل لفترة طويلة مع صندوق النظافة والتحسين، يعبر عن استيائه من عدم قيام المؤسسات المحلية، التي تتلقى الدعم من فاعلي الخير من داخل الوطن وخارجه، بمتابعة الحالات الفقيرة وتقديم المساعدة لها.
ونسأل الله أن يأتي بالفرج، فلا أحد سواه يمكنه ان يخلصنا من اللصوص الذين حرموا المواطن من سعادته.
- عاجزون عن توفير كسوة العيد لعائلاتنا
وقال المواطن محسن احمد منصر الحيمدي:
كنا في الماضي نستقبل عيد الأضحى المبارك بفرح ومحبة، حيث كانت الأمة العربية والإسلامية تتبادل الزيارات وتقوم بذبح الأضاحي. كنا نتمنى أن تستمر أيامنا كالأعياد، لكن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة منذ العام 2015م
حيث انتشر الفساد وتدهور الوضع الاقتصادي. فقدنا متطلبات الحياة الأساسية، وارتفعت الأسعار بشكل كبير، وانخفضت قيمة العملة المحلية، وانقطعت الرواتب، وإذا وُجدت فهي لا تكفي لشيء. أصبحنا نعيش في عصر الطبقات البرجوازية،
لقد أصبحنا نتمنى الموت بدلاً من الحياة، لأننا عاجزون عن توفير حتى كسوة العيد لعائلاتنا، ولا نستطيع شراء كبش العيد أو حتى زجاجة ماء بارد في هذا الجو الحار. انقطعت الكهرباء وارتفعت أسعار الثلج، ولم يبق لنا سوى الانتظار لفرج من الله، عسى أن يزلزل بهم الأرض من تحت أقدامهم. اللهم لا توليهم على مسلم بعدنا.
- أوضاع صعبة... وابتسامة شامخة
ويقول المواطن أحمد جمال، وهو معلم يتقاضى راتبًا ضعيفًا ويعيش في منطقة ريفية نائية، إن عيد الأضحى هذا العام يختلف تمامًا من حيث الظروف. الوضع الاقتصادي الذي يمر به شعبنا سيء للغاية ولم يسبق له مثيل.
فالقائمون على وطننا هم جزء من أسباب معاناة شعبنا، ومعظمهم يعتبرون أعداءً للشعب. لم يتبقَ لنا ما يسعدنا سوى بركات الله وحفظه لمن يتوكل عليه. أما بالنسبة لما يسمى بالتحالف والمجلس الرئاسي والحكومة، فهم مجرد ديكور وقد أوصلونا إلى هذا الوضع السيئ. التحالف يتحدث عن عاصفة الحزم والأمل، وقد قدم الدعم بالبارود ولكن لم يقدم الدعم بالمال والعمل.
ويضيف : مع قدوم عيد الأضحى، ورغم ما نعانيه، لن ننحني ولن تنكسر عزتنا أمام أطفالنا. سنظل مبتسمين ومرفوعي الرأس، ونسعى جاهدين لإدخال السرور إلى قلوب أحبائنا ونشر قيم التسامح والوئام والتآخي. ونحث الجميع على التواضع، فهناك من يعاني من نيران الفقر والعوز. من تواضع لله رفعه، ومن تكبر وضعه.
وفي الأخير نسأل الله العلي القدير أن يبلغنا هذا العيد ونحن وجميع أفراد شعبنا في صحة وسعادة وأمن واستقرار، وأن نعيش جميعًا في حياة كريمة.
- وضع مأساوي
وقال الناشط الشبابي مدين محسن محمد: "يأتي عيد الأضحى المبارك والناس لا يمتلكون حتى أبسط مقومات الحياة الكريمة، وهذه جريمة نكراء وظلم فظيع يُرتكب بحق هذا الشعب المنهك الذي يعيش أسوأ مرحلة تاريخية لم تشهدها بلادنا منذ أن وُجدنا على هذه الأرض".
وأضاف: "إن حياة البلاد والعباد في حالة يرثى لها منذ ما بعد حرب 2015، حيث تعاني من صراع سياسي وعسكري ودمار اقتصادي، وكان ضحية ذلك هذا الشعب الذي يعيش في مصير مجهول، متخبطاً بين غلاء المعيشة وظلم المسؤولين الذين اعتلوا الحكم منذ عشر سنوات، وكل منهم يتهم الآخر بالفساد الذي يتجرعه الشعب بمرارة.
عيد الأضحى المبارك على الأبواب، وهناك أسر وأطفال وزوجات وثكالى ومسنون يعيشون حالة من الفقر بعد أن قُتل واستشهد من كان يعيلهم في جبهات القتال التي اختطفت الأرواح في حروب عبثية تمولها دول الجوار تحت صمت عربي مريع".



