قدّم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، يوم الإثنين، إحاطة شاملة لمجلس الأمن الدولي، تناول فيها أبرز تطورات الملف اليمني سياسياً وإنسانياً وأمنياً، في ظل استمرار تعثر جهود التسوية وتصاعد المخاوف من انهيار التهدئة الهشة.
ووصف غروندبرغ استمرار اعتقال العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية من قِبل جماعة الحوثي بأنه “أمر مُشين”، داعياً إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، ومشدداً على ضرورة أن يمارس مجلس الأمن ضغوطاً جدية للإفراج عنهم، قائلاً: “لقد قطعت هذا العهد لوالدة وزوجة وأبناء زميلي المحتجز”.
وأشار إلى أن الحوثيين شنّوا هجمات على أهداف في إسرائيل، بينها مطار بن غوريون، وردّت تل أبيب بغارات جوية استهدفت ميناءي الحديدة والصليف ومطار صنعاء، مطالباً جميع الأطراف باحترام القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وأكد المبعوث الأممي أن النقاشات التي أجراها مؤخراً مع ممثلين عن مصر، إيران، عُمان، السعودية، والإمارات أظهرت وجود توافق إقليمي على أن التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لإنهاء النزاع، مطالباً الأطراف اليمنية بالبناء على هذا الإجماع.
وفي الملف الميداني، أبدى غروندبرغ قلقه من هشاشة الوضع العسكري، خصوصاً في مأرب، حيث لا تزال التحركات والاشتباكات قائمة. وأكد على ضرورة استئناف المناقشات بشأن وقف إطلاق النار، وتحمل المسؤولية المشتركة في هذا السياق.
ونوّه إلى أن إعادة فتح طريق الضالع مؤخراً تمثل نموذجاً إيجابياً لما يمكن تحقيقه من خلال الثقة والمبادرات المحلية، داعياً إلى البناء على هذا الإنجاز وفتح المزيد من الطرقات، في ظل ما يعانيه الاقتصاد اليمني من اختناق حاد.
وعلى الصعيد الاقتصادي، دعا غروندبرغ الأطراف اليمنية إلى تبني نهج براغماتي بعيداً عن السياسات ذات المحصلة الصفرية، مطالباً بالسماح للحكومة اليمنية بتصدير النفط والغاز وتسهيل تدفق السلع في عموم البلاد، كخطوة لتخفيف المعاناة الإنسانية.
كما حذّر من التضييق المستمر على الحريات المدنية، مشيراً إلى تصاعد الاحتجاجات التي قادتها نساء في عدن وتعز ولحج وأبين للمطالبة بالرواتب والحياة الكريمة، منتقداً في الوقت نفسه حملة الاعتقالات الجديدة التي شنتها جماعة الحوثي ضد الصحفيين والنشطاء في محافظة الحديدة.
ولفت المبعوث الأممي إلى مرور عام كامل على آخر لقاء بين الحكومة اليمنية والحوثيين لمناقشة ملف الأسرى تحت رعاية الأمم المتحدة، مجدداً دعوته للطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات على قاعدة “الكل مقابل الكل”.
واختتم غروندبرغ إحاطته بالتأكيد على ضرورة البناء على الهدوء النسبي في البحر الأحمر، والعمل نحو اتفاق شامل يشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار، وتدابير اقتصادية عاجلة، وعملية سياسية جامعة. وقال: “ثمن التقاعس باهظ. اليمن لا يحتمل سنوات إضافية من الانقسام والانهيار الاقتصادي والمعاناة الإنسانية”.
وتأتي هذه الإحاطة وسط تصاعد الضغوط الدولية لإعادة تنشيط مسار السلام في اليمن، بعد شهور من الجمود، وتزايد الأصوات الداعية لتحرك دولي أكثر فاعلية لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين.