حاوره /محمد وحيد المقطري
المقدمة:
في كل لقاء نحرص على تقديم نماذج مُلهمة، لا تُضيء فقط في سماء الفن والرياضة، بل تمتد لتشمل العقول التي تصنع الفارق في ميادين البحث العلمي. وضيفنا اليوم ليس مجرد أكاديمي، بل باحث في مجال نادر ودقيق، يمضي وقته بين المعادلات والتجارب والمختبرات، ليحمل في يده خلاصة سنوات من الكدّ والعمل والابتكار.
إنه الأستاذ فياض فيصل صالح بن طالب، محاضر في كلية العلوم بجامعة عدن، والمتخصص في مجال البوليميرات الصناعية متعددة الاستخدام، والذي سيأخذنا في رحلة شيّقة بين محطات حياته، وتجربته في ماليزيا، وواقع البحث العلمي في اليمن، وتطلعاته لشباب وطنه. إليكم نص الحوار:
س1: بداية، عرّفنا بنفسك وبطبيعة عملك؟
ج1: اسمي فياض فيصل صالح بن طالب، أعمل حالياً محاضراً جامعياً في كلية العلوم بجامعة عدن. بدأت رحلتي من هنا، من جامعة عدن التي تخرجت منها بتخصص علوم كيمياء. مررت كما يمر أي طالب جامعي بعقبات كثيرة، سواء في المجال الأكاديمي أو الحياتي. بعد التخرج، عملت نحو 8 سنوات في مجال المختبرات الطبية، ثم قررت مواصلة دراستي العليا في ماليزيا، وهناك حصلت على درجة الماجستير في علوم الكيمياء المتقدمة، بتخصص دقيق في البوليميرات الصناعية متعددة الاستخدام، وهو مجال بحثي حيوي تُستخدم فيه المواد في تطبيقات شتى، أبرزها في عمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز.
س2: كيف يتم قياس فعالية البوليمر في سائل الحفر؟
ج2: البوليمرات الصناعية التي نعمل عليها لها أهمية كبيرة في ضبط خصائص سوائل الحفر المستخدمة أثناء التنقيب عن النفط والغاز. نحن نقيس فعالية البوليمر من خلال تأثيره على لزوجة السائل، وتحمله للحرارة والضغط في بيئات شديدة القساوة. فكلما احتفظ البوليمر بخصائصه في تلك الظروف، كان أكثر فعالية وكفاءة.
س3: كيف تحددون درجة الحرارة والضغط المناسبين لاختبار لزوجة البوليمر؟
ج3: نستخدم أجهزة متخصصة تحاكي الظروف الواقعية لعمليات الحفر، مثل درجات الحرارة التي قد تصل إلى 200 درجة مئوية، وأعماق تصل إلى 3000 متر. من خلال هذه التجهيزات، نُجري تجارب دقيقة على المنتج لنحدد مدى تحمله، ونقوم بتعديله ليطابق المواصفات المطلوبة في بيئات العمل الشاقة.
س4: هل توجد معايير دولية لقياس فعالية البوليمر؟
ج4: نعم، هناك معايير دولية صارمة نعتمد عليها، خصوصاً تلك الصادرة عن معهد البترول الأمريكي والمعروفة باختصار API، وهي تمثل الدليل الأساسي لتقييم خصائص البوليمر المستخدم في الصناعات النفطية.
س5: ما هي رسالتك للمجتمع؟
ج5: رسالتي موجهة في المقام الأول للجهات الرسمية بضرورة الاهتمام بالكفاءات الشابة والنخب العلمية، لأنهم عماد المستقبل الحقيقي. لا يمكن لأي مجتمع أن يتطور دون دعم العلم والعلماء، والبيئة التي لا تُقدّر طاقاتها هي بيئة محكومة بالتراجع. وعلى المجتمع المدني والإعلامي كذلك أن يسهموا في تحفيز الشباب وتبني ابتكاراتهم ومبادراتهم، بدلًا من أن تظل هذه الطاقات مكبّلة بالإهمال أو تُهاجر بلا عودة.
وفي الختام، هل من كلمة أخيرة؟
أود أن أعبّر عن شكري وتقديري للأستاذ الإعلامي محمد وحيد، الذي أتاح لي هذه المساحة الإعلامية للحديث عن قضية في غاية الأهمية، وهي دعم وتأهيل الشباب، وتمكينهم من أدوات النهوض بالمجتمع. فكل أمة تنهض بعقولها قبل مواردها، وبشبابها قبل شيخوختها.