آخر تحديث :الأربعاء-25 يونيو 2025-08:35م
أخبار المحافظات

المحاثيث بأبين.. نموذج للقرى المهملة وتفتقر إلى الكثير من الخدمات

الأربعاء - 25 يونيو 2025 - 04:08 م بتوقيت عدن
المحاثيث بأبين.. نموذج للقرى المهملة وتفتقر إلى الكثير من الخدمات
(عدن الغد) خاص:

كتب/ د. الخضر عبدالله:

تقع مناطق المحاثيث بمديرية الوضيع على بعد 190 كيلومترات من ناحية الشرق لعاصمة محافظة أبين. ويعتمد معظم سكانها على حرث الأرض، ورعي الأغنام، وتربية النحل، وأهالي هذه المنطقة من ذوي الدخل المحدود والفقر المدقع، الذي كان سببا لبؤسهم وعدم النظر إلى حالتهم أو الاكتراث لهم إلا في أيام الانتخابات، حيث تكلل لهم الوعود الزائفة التي ما تلبث أن تتحول إلى وهم وسراب.

ومناطق المحاثيث تعاني ما تعانيه بقية مناطق أبين الريفية، من ماء الشرب والصحة والطرق والاتصالات، وتفتقر إلى كثير من الخدمات الأخرى. عدن الغد زارت المنطقة لمعرفة أحوال وهموم أبناء المنطقة وآمالهم وأحلامهم فإلى الاستطلاع.


الطرق ترابية ووعرة


بعد أن أنهينا استطلاعنا الصحفي في سوق منطقة أمصرة شددنا الرحال إلى مناطق المحاثيث ، مارين ببعض مناطق قبائل النخعين على جنبات الطريق، وعند خروجنا منها ، مارين بمنطقة ( الحميشة) وصلنا إلى الطريق الترابية التي تحيط به الأراضي الزراعية من كل الاتجاهات، وكانت الطريق وعرة وخطرة وضيقة بما يفوق الوصف.. قضينا أكثر من ساعة بين صعود وهبوط على الرغم من أن المسافة كانت قصيرة، ولا تستغرق إلا نصف ساعة إذا كانت الطريق سليمة أو حتى شبه سليمة، على أي حال وصلنا مناطق المحاثيث ووجدناها وحيدة مع معاناتها لا يشاركها في ذلك غير نواح الطيور التي شردها الجفاف، وماشية أهلكها الظمأ لعدم وجود مشروع ماء، ولكن على وجهها ترتسم ابتسامة رغم المعاناة وفي عيون قاطنيها التي تبدو عليها دهشة وبراءة الطفولة.. أهالي المناطق يسكنون بيوتا معظمها قديمة مبنية من الأحجار الصغيرة، وسقوفها من الطين، ومع ذلك فإن ساكني هذه المناطق يرونها بمثابة القصور الفارهة، غير أن ما يبعث في نفوسهم الحزن والأسى هو عدم اكتراث الدولة لهم، حتى أن قرراهم تكاد تكون مجهولة لكثير من الناس.


الماء.. ورحلة الذهاب والإياب


في هذه المناطق الريفية يبدأ مسلسل رحلة الذهاب والإياب لنساء وفتيات خلف أسراب الحمير.. حالات طوارئ..! آبار نازحة وأزمة مياه خانقة ومشروع المياه يلهث وراء السراب.. أجيال تتعاقب وهم جفاف الماء محنة لم تجد المعالجات.. تورمت أقدام النساء، وتجعدت وجوههن من أجل الحصول على شربة ماء.. وأصبح الحصول على قطرة من الماء هماً يؤرق كل منزل.. بجانب إحدى الآبار وجدنا شبابا في طابور كل منهم يمثل أسرته لأخذ نسبة محددة من اللترات، يتم توزيعها كأنهم أمام مؤسسة تعاونية حكومية.. يخافون الموت عطشاً ويخشون أن تحل بهم الكارثة، لأنهم يعلمون علم اليقين أن حكومتهم لن تستجيب مع سابق الإصرار.. أطفال وفتيات في عمر الزهور يغدون صباحاً من مناطقهم إلى إحدى الآبار لجلب الماء، فيما بعض الأسر ميسورة الحال تقوم بشراء صهاريج المياه (البوزة) بمبالغ باهظة.. مناظر تئن لها الإنسانية، ويندى لها جبين الوطن.. أهالي مناطق المحاثيث الشيوخ والعجزة والنساء والأطفال والرجال قذفت بهم سياسة الإفقار والتجويع إلى سراديب الفاقة والفقر، وكانت كلماتهم تخرج كالصواعق لعلها تجد آذانا صاغية وضمائر حية.


مناطق دون صحة


بعض المناطق التي مررنا بها وضعها يُرثى له.. لا عيادة صحية ولا خدمات! ومن يصيبه المرض يتم إسعافه إلى أي مستوصف أو مستشفى لودر، ويتحمل المرضى تكاليف باهظة أجرة السيارة التي تنقله وتكاليف العلاج، فحال الصحة في مناطق المحاثيث يُرثى له.. وعبر صحيفة عدن الغد ناشد الأهالي المسئولين الاهتمام بالجانب الصحي في منطقتهم، كما أنه يصعب نقل المريض بصورة سريعة، لذلك فإن أكثر حالات الوفاة بسبب هذه العوامل.. كما تساءل الأهالي إلى متى ستظل هذه المنطقة محرومة من الخدمات الصحية؟


الاتصالات ووعود كاذبة

فالاتصالات التي تبعد عنهم بمسافة ليست بعيدة، أيضا هذه الخدمة لا ينعمون بها ولا تنصاع لاهتمامهم، وكأنهم ليسوا من البشر أو من سكان اليمن، بل وكأنهم من جزر الواق واق- فالاتصالات التي تبعد عن مناطقهم بمسافة قريبة ، وستنعم المنطقة بهذه الخدمة، إلا أن أحداً لم يعرهم أدنى اهتمام، بالرغم من الوعود التي حصلوا عليها من الجهات المعنية بسلطة أبين بإيصال خدمة الاتصالات السلكية إلى مناطقهم، ولكن للأسف لم تتحقق أمانيهم بإيصال الاتصالات، برغم متابعة الأهالي لهم، ولكن الوعود تبددت وأصبح أثراً بعد عين.


مناطق بعيدة عن التعليم


معظم المناطق التي مررنا بها لا توجد فيها مدارس، بل يقطع الأطفال والطلاب المسافات البعيدة إلى مدرسة وثانوية الحميشة أو العين، ومناطق المحاثيث ليس فيها طريق أسفلتي، فقط ترابي معبد بالحصى، توقفت ميزانيته منذ عشرات السنين وذلك يصعّب على الطلاب الحضور في الطابور الصباحي أو حضور الحصة الأولى.

وكانت مناطق الحمرة وفارخ هي آخر محطة، تم الوقوف عندها في مناطق المحاثيث الحزينة الواقعة على أطلال الماضي، حيث لا شيء هناك سوى الحرمان المسيطر على جنباتها والإهمال المستشري في مساكنها، تنعى ذاتها الضعيف من وخزات الحاضر، وتسكنها العديد من الأزمات والمشاكل مع سبق الإصرار والترصد، والمعاناة فيها أكبر من الوصف!

وقفة مهمة:


كل ما تناولناه في هذا التقرير عن مناطق المحاثيث من هموم ومعاناة نصفها على طاولة الجهات المسئولة وأمام كل من يتشدق بالإصلاحات.

وهناك أسئلة كثيرة تنادي الجهات المسئولة وتبحث عن إجابات لتشفي غليلهم.