آخر تحديث :الجمعة-27 يونيو 2025-06:11م
رياضة

"عدسة الغياب.. تغرق المواهب" جوجل الكرة.. ولد يحلل ويبدع ويتنفس كرة القدم عمر همام.. جوجل الكرة ولُوكا الميدان في أبين

الجمعة - 27 يونيو 2025 - 03:18 م بتوقيت عدن
"عدسة الغياب.. تغرق المواهب"
جوجل الكرة.. ولد يحلل ويبدع ويتنفس كرة القدم 
عمر همام.. جوجل الكرة ولُوكا الميدان في أبين
(عدن الغد) خاص:


تقرير: أحمد شوقي/


انشغلت الكاميرات بتتبع تصريحات السياسيين وحسابات المشاهير وتفاهات أخرى، وأتجهت أنظار الإعلام نحو مهرجانات الرقص والانحطاط الأخلاقي، وكان على الأرجح ومن الطبيعي أن تنطفئ وتهمش مواهب حقيقية في أرياف البلاد، وتذبل طاقات شبابية حقيقية لم تطرق بابا إلا وصده غياب الدولة، ولامبالاة الاتحادات وقسوة الواقع.

من بين هذه المواهب يظهر فتى من محافظة أبين مديرية رصد، صبي ذو الخامسة عشر ربيعا اسمه عمر همام.. لكنه لا يعرف في محيطه بهذا الاسم.. بل بكنيتين لافتتين تترجم شخصيته: "جوجل الكرة" و"لُوكا". والاثنتان ليستا مبالغات إعلامية أو ألقاباً مفتعلة.. بل وصفاً واقعي لصورة موهبة فذة ونادرة، لكنها مهمشة تنمو في الهامش وتصارع الإهمال بالتشبث بالحلم والبقاء.



نجم في المدرسة والقرية..



يعد عمر همام "جوجل الرياضة" البالغ من العمر 15 عاما، أحد أبرز لاعبي دوري المدرسة التي تنظمه مدرسة " العمري" بمدرية رصد وركيزة ثابتة في فرق المنطقة لا تكاد تمر مباراة مدرسية إلا وارتبط اسمه بتسجيل هدف، أو تمرير حاسمة، أو قيادة فريقه لانتصار على خصم صعب لكن بروزه كلاعب لم يقتصر عن بروزه الموازي محللاً رياضي يحفظ أسماء اللاعبين وطرق اللعب، ويحلل المباريات المحلية والعالمية بلغة يجهلها الكبار وبنفس الملم، ولهذا السبب يلقبه أقرانه بـ"جوجل"

وفي حديثه لا يكرر عمر ما يقوله المحللون في التلفزيون.. بل ينتقدهم أحيانا، ويعرض وجهة نظره بصيغة تحليلية مختلفة تجعلك تظن أنك أمام شاب أنهى دراسته الجامعية في العلوم الرياضة والإحصاء.. فحين سألناه عن تفسيره لاختيار المدرب الالماني لتشكيلة برشلونة الأخيرة.. أجاب بلغة الثقة قائلا :

"المدرب أراد الحفاظ على الرتم بخط الوسط.. بس وقع خطأ لما أخرج بيدري في وقت كان فيه الرتم عالي.. كان لازم يدخل داني المو بدري، ولو لاحظت الهدف جاء من جهة ارتخى فيها الضغط"

حديث كهذا لا يصدر من مراهق عادي.. هو ناتج بل وفائض لموهبة حقيقية لا تملك مقعدا في أي قاعة من قاعات الأكاديميات، لكنها تملك ما هو أكثر ألا وهو الشغف.



سألنا عمر..


في لقاء خاص لـ صحيفة عدن الغد معه.. فكانت كلماته أغنى من ديكور أي استوديو رياضي.


قال لنا:

"أنا أحب الكرة.. بس مش لعب فقط يعني أحب أتابع، أحلل.. ومرات أروح الملعب أعلق من جهة الخط أشرح للبراعم كيف يوقفوا ومتى يتحركوا، وحين يدافعوا.."


سألناه عن حلمه فابتسم بخجل وأجاب:

" أريد أنظم الى أكاديمية رياضة لتطوير موهبتي في العب والتحليل، وكذلك نفسي أعمل محلل رياضي.. أظهر في قناة.. أو حتى أدرب فريق شعبي وأفوز بدوري محلي.. بس يا أستاذ، هنا البيئة هي العدو والحاجز الأول أمامي لا أحد يسمعنا، ولا حد يشوفنا، يتعاملوا معك كمريض نفسي او بالعامية اهبل ولا يحترمون قرارك وموهبتك ..."



قالوا عنه..



يقول أحد زملائه في الفريق:

"هو مش بس لاعب هو كابتن وفتى رائع داخل الملعب وخارجه.. حتى لو كان أصغر منا.. يعرف كيف يقنعنا، كيف يرفع المعنويات بدون غضب، وإذا أخطأ واحد يعلمه بدل ما يصيح عليه.."


إذ يقول مدرس التربية الرياضية في مدرسته:


"عمر هو اللاعب والحكم والمحلل.. ذكي جدا.. حتى المدرسين أصبحوا يرجعوا له إذا احتاروا في اسم لاعب أو تشكيلة فريق.. يعني مع إنه صغير بس محترم، ومحبوب من الجميع ولو لديه دعم، كان ممكن يتغير مساره كله"



ختاما


مثل عمر هناك عشرات المواهب التي تهمش كل يوم مواهب تعيش بيننا وتتاكل ببطى.. الإعلام لا يرى إلا أصحاب الشهرة والدولة لا تدعم إلا من يقف تحت راية محسوبين عليها، والاتحاد الرياضي لا يتحرك إلا حين تصله الأوامر، والراعي الرسمي لا يتبنى إلا من معه جمهور.

موهبة عمر إذا.. ليست نقص تحفيز بقدر ما هي دالة لغياب الإنصاف.. لنظام رياضي ومجتمعي لا ينصف إلا "الهوامير" وأصحاب "الواسطة" أما من لديه موهبة فقط فمصيره أن يدفن حي رمادا... رصد قد أنجبت لاعبين كبارا، فأمثال عمر يثبتون أن الأرض ما زالت ولادة.. لكن ما الفائدة من أرض خصبة إذا ظلّ السقاة غائبين، وكاميرات الشقاة موجهة لغير أهل الموهبة.