في الوقت الذي تتزايد رغبة جماعة “الحوثي” جموحا في الارتباط بإيران، تكشف المعطيات، عن أدوار غامضة ومتعددة لممثلي الجماعة في طهران، تتجاوز التمثيل الدبلوماسي، لتشمل التنسيق العسكري والاستخباري واسع النطاق، في إطار ارتباط الجماعة بالمشروع الإيراني في المنطقة.
ومنذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، شرعت إيران باحتضان قيادات وعناصر “حوثية”، حيث ركّزت على استقطاب المنتسبين للأسر الهاشمية، أو من ذوي التوجهات المذهبية القابلة للاختراق، وتولّت تدريبهم وتأهيلهم ضمن أجندة “ولاية الفقيه”، لتتحول إيران شيئاً فشيئاً، إلى مركز لتكوين هذه الجماعة.
تسليم السفارة اليمنية لجماعة “الحوثي”
وفي عام 2019، سلّمت إيران مقر السفارة اليمنية في طهران، إلى جماعة “الحوثي” في اليمن، لتقوم الجماعة لاحقا بتعيين إبراهيم الديلمي، ممثلاً لها فوق العادة في طهران.
ويعد الديلمي، أحد أعضاء المكتب السياسي لجماعة “الحوثي”، وقد ارتبط مبكراً بإيران و”حزب الله”، وكان من مؤسسي قناة “المسيرة”، بالضاحية الجنوبية في بيروت، ولم يكن دوره دبلوماسياً فحسب، بل يُعتقد أنه كان غطاء، لتنسيق شبكات التهريب إلى الجماعة.
إلى جانب الديلمي، تم تعيين موسى يحيى بردان، الذي ينتمي إلى صعدة، كملحق عسكري في نيسان/ أبريل 2020، واللافت في قرار تعيينه أنه صدر رغم عدم التحاقه بأي سلك عسكري، وتم منحه رتبة “عميد” ورقماً عسكرياً بقرار من مهدي المشاط.
يذكر أن بردان، كان ضمن الفريق الأمني الخاص برئيس المجلس السياسي السابق لجماعة “الحوثي”، صالح الصماد، وتعيينه هذا يعكس ثقة الجماعة به، في المهمات العابرة للحدود.
وفي الجناح الثقافي والإعلامي، ينشط صادق عبد الرحمن الشرفي، الذي يقيم في طهران منذ سنوات، ويعمل كمنسّق للأنشطة التعبوية والأيديولوجية للجماعة.
وسبق اتهام الشرفي، بالتخابر لصالح إيران عام 2010، ويُعرف بدوره في تجنيد الشباب، وتسهيل نقلهم للتدريب في إيران وسوريا والعراق، فضلاً عن تورطه في تمويل مراكز طائفية، وشراء الولاءات داخل اليمن.
ووفق منصة “ديفانس لاين” المهتمة بالشأن العسكري والأمني، فإنه تم تعيين عناصر أخرى في إيران، من بينهم، علي الوقشي كمستشار، وعبد الله شريف كملحق صحي، وسامي أبو عواضة كملحق ثقافي، في محاولة لإضفاء الطابع المؤسسي على نشاطات معظمها سرّية.
واجهات لغرض التهريب
جميع هذه الأسماء، تعمل بتنسيق وثيق مع “فيلق القدس” الذي يتبع “الحرس الثوري” الإيراني، وخصوصاً مع “الوحدة 190” التي كان يقودها بهنام شهرياري المعروف بـ”الحاج علي”، قبل مقتله مؤخراً في غارة إسرائيلية، وتعد هذه الوحدة مسؤولة عن عمليات التمويل ونقل السلاح والمخدرات لجماعة “الحوثي”، عبر شبكات تهريب معقدة.
وبين طهران وبغداد وبيروت، يتحرك ممثلو جماعة “الحوثي” كخلية منظمة، ضمن مشروع إيران العابر للحدود، ليشكّلوا بذلك حلقة في سلسلة وكلاء إيران بالمنطقة، والذين لم يجلبوا لليمنيين سواء الموت والدمار.