آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-03:56م
ملفات وتحقيقات

إلى أي مدى يعكس تشكيل "اللواء الأول حماية حضرموت" تحولا في استراتيجية حلف قبائل حضرموت من المطالبة إلى الفعل؟

الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - 10:02 ص بتوقيت عدن
إلى أي مدى يعكس تشكيل "اللواء الأول حماية حضرموت" تحولا في استراتيجية حلف قبائل حضرموت من المطالبة إلى الفعل؟
(عدن الغد)خاص:

ما أسباب إخفاق المجلس الرئاسي في التعامل مع الملف الحضرمي وهل يعكس ذلك عجزا بنيويا بإدارة التوازنات الداخلية؟

هل تشكل تحركات الحلف تمهيدا لولادة كيان مستقل في الشرق اليمني؟

كيف ينظر الشارع الحضرمي إلى التصعيد الأخير وهل يحمل ذلك آمالا بتصحيح المسار أم مخاوف من عسكرة جديدة للمحافظة؟

ما الخيارات المتاحة لتفادي الانزلاق إلى صدام مسلح؟

هل لا تزال هناك فرصة لتسوية سياسية تبقي حضرموت ضمن إطار الدولة اليمنية الموحدة؟

حلف قبائل حضرموت إلى أين؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تتسارع الخطى نحو منعطف جديد في محافظة حضرموت، مع تصاعد الأزمة السياسية بين حلف قبائل حضرموت والسلطة المحلية، وبلوغها مرحلة غير مسبوقة من التوتر والغموض.

هذه الأزمة التي أخذت منحى تصعيديًا حادًا خلال الأسابيع الأخيرة، أعادت إلى الواجهة الأسئلة حول مستقبل المحافظة التي تعدّ قلب الشرق اليمني، وإحدى أهم المناطق من حيث الموارد الاقتصادية والموقع الجغرافي والثقل الاجتماعي.

- خلفية الأزمة.. جذور ممتدة في الجغرافيا والسياسة

تعود جذور التوترات في حضرموت إلى سنوات طويلة من التهميش والإقصاء الذي عانته المحافظة في ظل الأنظمة اليمنية المتعاقبة، وخاصة بعد الوحدة اليمنية في 1990.

ورغم الثروات الهائلة التي تمتلكها حضرموت، وأبرزها النفط والمعادن وميناء الضبة الحيوي، فقد ظلت المحافظة بعيدة عن دوائر التأثير الحقيقي في صنع القرار السياسي والاقتصادي.

وبُعيد انطلاق ثورات الربيع العربي وتزايد دعوات التغيير، برز حلف قبائل حضرموت كإطار جامع لمطالب الحضارم، حيث سعى لتمثيل صوتهم والدفاع عن مصالحهم في وجه المركزية الطاغية التي همشتهم لعقود.

في السنوات الأخيرة، ومع تراجع سلطة الدولة، بدأ الحلف يشكل أذرعًا تنظيمية وأمنية وميدانية، وكان من أبرز محطاته الدعوة إلى تسليم ملف الأمن لأبناء المحافظة أنفسهم، وهي الدعوة التي لقيت تجاوبًا شعبيًا واسعًا، لكن السلطة المركزية، ممثلة بالمجالس الرئاسية المتعاقبة، ظلت تراوح مكانها دون قرارات حاسمة، ما عمّق شعور الحضارم بالخذلان.

- التحولات الأخيرة.. من المطالبة إلى الفعل

في تطور لافت، أعلن حلف قبائل حضرموت مؤخرًا عن تشكيل قوة عسكرية خاصة به، هي "اللواء الأول حماية حضرموت"، وهي خطوة تجاوزت حدود الخطاب السياسي إلى الفعل العسكري المنظم.

وزيارة الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس الحلف، إلى مواقع هذه القوات وتفقده لها، حملت رسائل سياسية واضحة بأن الحلف عازم على المضي قدمًا نحو بناء كيانه الأمني والعسكري الخاص، بعيدًا عن سلطة الدولة المركزية.

هذا الإعلان لم يأت من فراغ، بل جاء في سياق إخفاق مستمر من قبل السلطة المحلية في تلبية تطلعات أبناء المحافظة، سواء على مستوى تمثيلهم السياسي أو الخدمات الأساسية.

كما فشل مجلس القيادة الرئاسي حتى اللحظة في بلورة رؤية متماسكة للتعامل مع الملف الحضرمي، مكتفيًا بالبيانات العامة والوعود الفضفاضة، دون إجراءات عملية ملموسة على الأرض.

- أين المجلس الرئاسي؟

المجلس الرئاسي الذي أنشئ في أبريل 2022، وجد نفسه منذ البداية أمام تركة ثقيلة من التحديات، وحضرموت كانت دومًا إحدى القضايا المؤجلة على طاولته.

ومع أن بعض أعضاء المجلس، وعلى رأسهم محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، حاولوا لعب دور توافقي، إلا أن الانقسامات داخل المجلس وتعدد الولاءات الإقليمية أضعفت فاعليته.

عدم قدرة المجلس على التعامل مع مطالب حلف قبائل حضرموت، وترك الأمور تتفاقم حتى مرحلة إعلان تشكيل قوة عسكرية، يعكس عجزًا واضحًا في إدارة التوازنات الداخلية، ويثير تساؤلات عن قدرة هذا المجلس على الحفاظ على وحدة القرار في بلد تمزقه الانقسامات والولاءات المتضاربة.

- هل نشهد ولادة كيان مستقل في الشرق؟

من خلال المؤشرات الميدانية والسياسية، يبدو أن حضرموت تتجه إلى تشكيل كيان إداري وعسكري مستقل على الأرض، على غرار ما حدث في بعض مناطق الجنوب الأخرى.

ورغم أن الحلف لم يعلن صراحة عن رغبته في الانفصال، فإن التطورات الأخيرة توحي بأننا أمام مشروع ذاتي الحكم يتشكل رويدًا رويدًا.

في ظل غياب أي تدخل فعّال من التحالف العربي، خصوصًا المملكة العربية السعودية التي كانت لعقود ترى في حضرموت منطقة نفوذ تقليدية لها، تزداد المخاوف من تحول هذا المسار إلى نموذج جديد من الكيانات المستقلة التي تسير بخطى متسارعة بعيدًا عن الدولة اليمنية الموحدة.

- الحضارم.. بين الأمل والقلق

أما على مستوى المزاج الشعبي، فإن الحضارم يعيشون حالة من الترقب المشوب بالأمل والخوف في آن واحد، فهناك شعور عام بأن الفرصة قد حانت لتأمين مصالحهم بعيدًا عن مراكز القرار في صنعاء وعدن، لكن في المقابل، ثمة هواجس من أن يتحول الحلف إلى سلطة جديدة تعيد إنتاج الفشل، أو أن تجر المحافظة إلى صراع مسلح مع بقية الأطراف اليمنية.

ويدرك الكثير من أبناء حضرموت أن الطريق نحو الاستقلال الإداري أو الذاتي يجب أن يكون عبر أدوات سلمية ومشروعة ومؤسسات فاعلة، لا عبر عسكرة المحافظة أو الدخول في متاهة التحالفات الإقليمية المشبوهة، خاصة وأن تجربتي الجنوب وصنعاء تقدمان نماذج محبطة.

- الصمت الإقليمي والدولي.. علامات استفهام

المفارقة أن كل هذه التحركات تجري وسط صمت شبه تام من قبل الأطراف الإقليمية والدولية، وهو ما يثير الريبة.

فلم يصدر حتى الآن موقف واضح من التحالف العربي بشأن تشكيل قوات الحلف، كما لم تصدر أي إدانة أو دعم من البعثات الدبلوماسية الغربية التي تتابع عن كثب الأوضاع في اليمن.

هل هذا الصمت إقرار ضمني بالأمر الواقع؟ أم أنه انتظار لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور؟

في كلتا الحالتين، فإن هذا الغياب الدولي يزيد من تعقيد المشهد، ويدفع بالحلف إلى الاعتقاد بأنه يسير في الطريق الصحيح.

- هل من أفق للحل؟

إن مستقبل حضرموت يتوقف على جملة من العوامل، أهمها: قدرة المجلس الرئاسي على استعادة زمام المبادرة، واستيعاب مطالب الحلف، وتقديم خارطة طريق واضحة تنهي التهميش وتفتح الباب أمام شراكة حقيقية.

كما يتطلب الأمر تحركًا سعوديًا فاعلاً يعيد التوازن للمشهد، ويدفع نحو حوار شامل يمنع انزلاق الأمور نحو المواجهة المسلحة.

وفي النهاية، فإن الحضارم وحدهم هم من يملكون القرار، وعليهم أن يحددوا مستقبلهم بعيدًا عن التجاذبات والمشاريع الخارجية.

فإما أن يؤسسوا نموذجًا للحكم الرشيد يضمن مصالحهم ضمن دولة يمنية عادلة، أو أن ينزلقوا إلى تكرار تجارب الانفصال والفوضى التي لم تجلب إلا المزيد من المعاناة.