كتب المخرج الإذاعي المعروف أمين باوزير رسالة وداع مؤثرة، نعى فيها "الخالة أم علي"، إحدى المستمعات الوفيات اللاتي ارتبطن بصوته الإذاعي عبر سنوات، في علاقة إنسانية فريدة نسجها الأثير وعمّقها دفء التواصل.
وقال باوزير: "من خلال عملي في الإذاعة، تعرّفت على أناس طيبين، لم أرَ وجوههم، لكني أحببتهم من أصواتهم، ومن دفء تواصلهم. كانوا لنا كالأهل، نبتهج بدعواتهم، ونأنس بصوتهم، ونتعلم من حكمتهم وصبرهم. بالأمس ودعنا الخالة غانية، واليوم نودع الخالة أم علي".
وأضاف: "الخالة أم علي... كم أحببت صوتها، واطمأننت لسماعها، وارتويت من دعواتها الصادقة التي كانت ترددها لي دائمًا: (الله يبارك لك في عمرك، ويبارك لك في غزل وأم غزل وأهلك كلهم، ويسخّر لك أطيب خلق الله)".
وروى باوزير تفاصيل اللحظة المؤلمة التي علم فيها برحيلها، حين اتصل كعادته ليسمع صوتها، ففوجئ بصوت غريب يرد. سأل: "أهذا رقم أم علي؟"، فأجابت امرأة باكية: "أمي ماتت يا أمين... أم علي اللي تحبك ماتت. مريضة ولم تستطع تحمّل الحر والانطفاءات المتكررة للكهرباء".
أم علي، كما وصفها، لم تُرزق بولد، لكن الناس كانوا ينادونها بذلك تيمنًا بحفيدها الذي أحبته، وكانت تقول له دائمًا: "أنت ابني يا أمين، ربي ما رزقني بولد، لكنك عوض من الله".
وعند غيابه، كانت تسأله بشوق: "يا أمين، فقدت صوتك، ليش تأخرت؟ كنت أدعي: يا رب، لا تحرمني من صوت أمين".
واختتم باوزير وداعه بكلمات تفيض ألمًا: "آه يا أم علي... رحيلك أوجع القلب، وأثقل الذاكرة. رحمك الله رحمة واسعة، وجعل مثواك الجنة. ستبقين في القلب والدعاء... دائمًا وأبدًا".
بدوره، عبّر راديو عدن الغد عن بالغ الحزن والأسى برحيل المستمعة الوفيّة أم علي، وتقدّم بأحر التعازي إلى أسرتها ومحبيها، مؤكدًا أن صوتها سيظل حاضرًا في ذاكرة الإذاعة، وأن خسارتها تُعد خسارة لكل من عرف دفء تواصلها ومحبة قلبها.
رحم الله أم علي، وجعلها من أهل الجنة، وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان.