يشهد قطاع القضاء في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن حالة شلل شبه تام، في ظل استمرار إضراب القضاة احتجاجًا على الظروف المعيشية الصعبة، والانهيار المتواصل في أوضاع السلطة القضائية، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية تهدد ما تبقى من هيبة العدالة واستقلال القضاء في البلاد.
وبحسب مصادر قضائية، فإن القضاة يعيشون أوضاعًا مأساوية غير مسبوقة، حيث تراجع دخل القاضي من متوسط 1500 دولار إلى أقل من 200 دولار شهريًا، دون أي تأمين صحي أو حوافز أو ضمانات وظيفية، في بيئة عمل وصفوها بـ"الطاردة والمنهكة"، مشيرين إلى أن كثيرًا منهم لم يعد قادرًا على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، فضلًا عن تكاليف العلاج والمسكن والتنقل.
ويؤكد القضاة أن إضرابهم ليس تمردًا على القانون، بل محاولة أخيرة لإنقاذ العدالة من السقوط في مستنقع الفقر والضعف، مشددين على أن استمرار تجاهل أوضاعهم سيقود إلى انهيار منظومة العدالة برمتها، وتحويل القضاء إلى مجرد واجهة شكلية خالية من القدرة والكرامة.
وتمثلت أبرز مطالب القضاة في:
تحسين الرواتب لتواكب الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة.
توفير تأمين صحي شامل لهم ولأسرهم.
تحصين استقلال القضاء إداريًا وماليًا بعيدًا عن أي تدخلات.
إصلاح شامل للبنية التحتية للمحاكم، وتحسين أوضاع الكادر الإداري المساند.
تفعيل دور مجلس القضاء الأعلى في حماية هيبة السلطة القضائية والدفاع عن منتسبيها.
كما وجه القضاة نداءً للنقابات القانونية، وعلى رأسها نقابة المحامين، ولمنظمات المجتمع المدني، والشخصيات الوطنية، لدعم مطالبهم والوقوف إلى جانبهم، باعتبار أن القضاء ليس مصلحة فئوية، بل أحد أعمدة الدولة، وسقوطه يعني سقوط العدالة وحقوق الناس.
ويؤكد القضاة أن تحرّكهم لا يُعبر عن رغبة في التصعيد بقدر ما هو صرخة استغاثة باسم العدالة، في وجه واقع قاسٍ يهدد القاضي في كرامته وأمنه المعيشي، ويجعل من استقلاله مجرد شعار بلا مضمون.