آخر تحديث :الأحد-27 يوليو 2025-01:39ص
أخبار المحافظات

ماء بارد في حر الظهيرة... حضرموت ترسم لوحة إنسانية بالتكافل اليومي

السبت - 26 يوليو 2025 - 04:33 م بتوقيت عدن
ماء بارد في حر الظهيرة... حضرموت ترسم لوحة إنسانية بالتكافل اليومي
كتب/ حسين باشريف:

رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، ما زال الخير متدفقاً في قلوب أهل اليمن، يشعّ في أبسط المواقف، ويتجلّى بأروع الصور الإنسانية، ومنها مشهد توزيع الماء البارد والعصائر الطازجة على المارة في طرقات حضرموت، تحت أشعة الشمس الحارقة وقيظ الصيف الشديد.


في شوارع تريم، وسيئون، والقطن وغيرها من مدن وقرى حضرموت، يمكن أن تلمح أصحاب القلوب البيضاء وهم يقفون إلى جانب الطرقات، أو يضعون طاولات صغيرة أو ثلاجات متنقلة، يوزّعون منها عبوات المياه المبردة والعصائر الطازجة على كل من يمرّ: سائق سيارة، راكب دراجة نارية، أو حتى عابر سبيل يقطع الطريق سيرًا على الأقدام. مشهد قد يبدو بسيطًا، لكنه في حرّ تصل فيه درجات الحرارة إلى الأربعين وأكثر، يصبح فعلاً عظيماً ومصدر ارتواء للجسد والروح معاً.


لا تسأل هؤلاء المتطوعين من هم، ولا لمن يقدمون، فغايتهم أن يخففوا عن إخوانهم حرارة الطريق، دون مقابل، ودون تمييز، فقط بدافع من إيمانهم العميق بأن «أفضل الصدقة سقي الماء».


المبادرة لا تقتصر على أفراد، بل امتدت لتشمل أسراً كاملة، وأحياناً مجموعات شبابية أو محلات تجارية جعلت من هذا العمل عادة موسمية يومية، يسبقها تجهيز وتبريد وتوزيع، وكل ذلك بروح من الحب والتكافل.


هذا الخير المتدفق وسط حرارة لاهبة وصعوبات معيشية متزايدة يذكّر الجميع بأن اليمن – رغم الجراح – ما زالت تنبض بالرحمة، وأن حضرموت وأهلها ما زالوا يحملون مشاعل الكرم والبذل في زمن قلّ فيه العطاء.


إنها لفتة إنسانية عظيمة، تتحدث بلغة الأفعال، وتُعلّم الأجيال معنى التكافل في أبسط صوره.. فسلام على كل يد امتدت بالماء، وكل قلب سكب عصير الخير على عطش الناس.