آخر تحديث :الثلاثاء-29 يوليو 2025-05:42م
صفحات من تاريخ عدن

ما الذي تعرفه عن القصر المدور في التواهي ؟

الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - 09:45 ص بتوقيت عدن
ما الذي تعرفه عن القصر المدور في التواهي ؟
من احمد محمود السلامي

القصر المدور، أحد المعالم المعمارية الفريدة في مدينة عدن، يقع في منطقة التواهي على جبل الرئاسة المطل على خليج عدن، ويُعد من المباني التي حملت طابعًا رسميًا منذ بنائه في عهد الاحتلال البريطاني. كان القصر يُستخدم كنُزل رسمي لكبار الضيوف الذين يزورون مستعمرة عدن، نظرًا لموقعه الاستراتيجي المطل على البحر وتصميمه الدائري اللافت، ما أكسبه اسمه المعروف بـ"القصر المدور".

بعد استقلال جنوب اليمن عام 1967، واصلت الدولة استخدام القصر لنفس الغرض، حيث خصص لاستقبال المسؤولين والوفود الزائرة، وظل يحمل رمزية رسمية مهمة في المدينة، خصوصًا مع احتفاظه بطابعه المعماري الفخم والمميز. لكن في 26 يونيو من عام 1978، شهد القصر واحدة من أكثر لحظاته الدراماتيكية، حين اندلعت اشتباكات عنيفة عقب تمرد مسلح ضد الرئيس سالم رُبَيِّع علي (سالمين)، حيث تم استهداف القصر خلال تلك المواجهات وقصفت طائرات الميغ 21 محيطه، ما ألحق به دمارًا جزئيًا.

ورغم الأضرار التي لحقت به في تلك المرحلة، أعيد ترميم القصر لاحقًا، وعاد لأداء مهامه الرسمية، محتفظًا بمكانته كأحد رموز الدولة. إلا أن الأحداث الدامية التي شهدتها عدن في عام 2015 أثناء اجتياح جماعة الحوثي للمدينة غيّرت كل شيء. تمركز المسلحون الحوثيون في عدد من المباني المرتفعة والاستراتيجية، وكان القصر المدور واحدًا من أهم تلك المواقع، ما جعله هدفًا لغارات جوية نفذها طيران التحالف العربي. الضربة كانت قاسية، فقد دُكّ القصر وتساقطت طوابقه فوق بعضها البعض، ليبدو بعدها كقطعة من "ساندويتش التوست"، في صورة عبثية تختزل انهيار رمزٍ من رموز مدينة عدن.

منذ ذلك الحين، ظل القصر المدور على حاله، ركامًا مطلًا على البحر، شاهداً صامتًا على حقب متعددة من تاريخ اليمن الحديث، من الاستعمار إلى الاستقلال، ومن النزاعات الداخلية إلى الحرب الأخيرة. ورغم قيمته التاريخية والمعمارية، لم تشهد المدينة أي مشروع لإعادة ترميمه أو إنقاذ ما تبقى منه، ليظل معلماً منسيًا تلتف حوله الذكريات والخراب في آنٍ واحد.