آخر تحديث :الأربعاء-03 سبتمبر 2025-03:01ص
ملفات وتحقيقات

اختطافات بالجملة والتجزئه!!.. الصمت الأممي والمكافأة على الجريمة!!

الثلاثاء - 02 سبتمبر 2025 - 11:08 م بتوقيت عدن
اختطافات بالجملة والتجزئه!!.. الصمت الأممي والمكافأة على الجريمة!!
(عدن الغد) غرفة الأخبار:

شهدت العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، حملة اختطافات واسعة أعقبت إعلان الجماعة مقتل رئيس حكومتها (غير المعترف بها) وعدد من وزرائه في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعًا لهم الأسبوع الماضي.

الحملة، التي وُصفت بأنها “الأوسع منذ سنوات”، طالت عشرات المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وشملت مداهمة مقار أممية بينها مكاتب برنامج الأغذية العالمي في صنعاء والحديدة، ومكتب اليونيسف، إضافة إلى اختطاف موظفين محليين ودوليين.

التقرير يستعرض – عبر شهادات حقوقيين وباحثين – دوافع هذه الحملات وأهدافها وتداعياتها، بالإضافة إلى تقييم رد فعل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.


وضع مقلق

القاضية إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وصفت الوضع في مناطق سيطرة الحوثيين بأنه “مقلق ومرعب”، مؤكدة أن الجماعة صعّدت منذ أشهر حملات الاعتقال والإخفاء القسري بحق المدنيين، خصوصًا الصحفيين والنشطاء والعاملين في المجال الإنساني.

وكشفت المقطري أن الحملة الأخيرة أسفرت عن اختطاف 38 شخصًا في صنعاء خلال يومين فقط، بالإضافة إلى 122 حالة اعتقال في إب، وقرابة 60 حالة في تعز خلال يوليو وأغسطس، فضلًا عن استمرار الاعتقالات التعسفية في الحديدة، بينهم 13 صحفيًا لم يُعرف مصيرهم بعد.

رئيسة رابطة أمهات المختطفين، أمة السلام الحاج، وصفت بدورها هذه الحملة بأنها “مسعورة”، مؤكدة أن الجماعة توسعت في استهدافها لتشمل الخطباء والمعلمين والعاملين في المنظمات الإغاثية.


تهديد الداخل بدلًا من إسرائيل

أثار خطاب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي – الذي أعقب الغارة الإسرائيلية – استغرابًا واسعًا، إذ ركّز على تهديد اليمنيين بدلًا من مهاجمة من وصفهم منتقدوه بـ“العدو المباشر”.

الصحفي والكاتب همدان العليي اعتبر أن الحوثي “يحاول الهروب من الاعتراف بالهزيمة عبر شيطنة الداخل واتهام اليمنيين بالخيانة”، وهو ما سيؤدي – بحسبه – إلى “تصعيد الانتهاكات أكثر”.

من جانبها، رأت المقطري أن خطاب الحوثي “دعوة صريحة للعنف” تستهدف كل صوت مستقل أو مخالف، فيما اعتبرت الحاج أن مثل هذه التهديدات “تؤشر إلى موجات جديدة من الاختطافات”.


استغلال الضربات ودبلوماسية الرهائن

الباحثة ندوى الدوسري قالت إن الحوثيين “استغلوا الضربات الإسرائيلية لتصفية حساباتهم مع الداخل”، مؤكدة أن استهداف المنظمات الدولية يهدف إلى “احتجاز رهائن واستخدامهم كورقة ابتزاز للمجتمع الدولي”.

في السياق ذاته، أشار العليي إلى ما وصفه بـ“نهج دبلوماسية الرهائن” الذي استنسخه الحوثيون من إيران، حيث يتم اختطاف موظفين دوليين أو محليين ثم المساومة بهم مقابل تنازلات سياسية أو إنسانية.


صمت دولي يرقى إلى التواطؤ

المقطري عبّرت عن أسفها لغياب أي إدانة أممية أو دولية، معتبرة أن صمت المجتمع الدولي “يمنح الحوثيين غطاءً لمزيد من الجرائم”.

وأكّدت الحاج أن الاكتفاء بالتنديد لم يعد مجديًا: “نريد فعلًا على الأرض، لا بيانات شجب وتعاطف”.

الدوسري ذهبت أبعد من ذلك، واعتبرت أن الأمم المتحدة تكافئ الحوثيين على انتهاكاتهم، مشيرة إلى أن المنظمة “أجلت جرحى حوثيين على متن طائرة أممية بعد يوم واحد فقط من اختطاف موظفيها”. وقالت: “هذا ليس ردعًا بل مكافأة”.


تقويض الشريان الإنساني

ترى الباحثة فاطمة أبو الأسرار أن استهداف المنظمات “يهدد ما تبقى من الشريان الإنساني لليمنيين”، مشيرة إلى أن الحوثيين يستنسخون التجربة الإيرانية في تحويل المساعدات والموظفين الدوليين إلى رهائن في لعبة إقليمية أكبر.

العليي حذّر بدوره من أن تعطيل عمل اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي سيؤدي إلى “تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلًا”، حتى وإن كانت المساعدات لا تخلو من الاستغلال الحوثي.


سيناريوهات مفتوحة

المقطري توقعت تصاعد الاعتقالات لتشمل النساء وفئات أوسع من المجتمع، محذرة من محاكمات صورية وتعذيب للمختطفين.

أما العليي فاعتبر أن ما يجري “مؤشر على طبيعة اليمن تحت حكم الحوثيين: غابة بلا قانون، حيث يصبح المواطن هدفًا مشروعًا لمجرد حدث عابر”.


ملخص

تؤكد مجمل الشهادات أن الحملة الحوثية الأخيرة ليست مجرد رد فعل عاطفي على الغارة الإسرائيلية، بل جزء من استراتيجية ممنهجة لتكميم الأصوات الداخلية واستغلال الأجانب كرهائن للضغط على المجتمع الدولي.

وفي ظل الصمت الأممي والدولي، تبدو خيارات اليمنيين والمختطفين محصورة بين تصعيد جماعة مسلحة بلا رادع، ومجتمع دولي يكتفي بالبيانات الشكلية، إن لم يكن يكافئ المنتهكين على جرائمهم.


*برّان برس