في أقل من أربعٍ وعشرين ساعة فقط، تحوّلت مدن وقرى يمنية إلى مسارح للفقد والفجيعة، حيث حصد الموت أرواح الأطفال والنساء والشباب في حوادث متفرقة، تاركًا وراءه جروحًا لا تندمل في قلوب الأهالي.
ففي حضرموت، انتهت حياة أسرة كاملة بين لهبٍ وضباب بعد سقوط مركبتهم من عقبة عبدالله غريب، في مشهد مأساوي التهم الأطفال والنساء دون أن يترك خلفه ناجيًا يروي تفاصيل الفاجعة.
وفي الجوف، اصطدمت سيارتان في قلب الصحراء، فابتلعت الرمال أربعة شبان من أسرة واحدة، ليتحوّل طريق بديل فُرض على الناس بالقوة إلى طريق موتٍ محتم.
ومن إب، أُسدِل الستار على رحلة بحثٍ مريرة دامت ثمانية أيام، بعد العثور على جثمان الطفل الصغير إياد مهدي، الذي جرفته السيول بعيدًا عن ذراعي أسرته، لتطفو مأساة جديدة مع كل موجة مطر.
أما في تعز وشبوة، فما زالت الألغام تحصد أرواح المدنيين؛ إذ أُصيب ثلاثة مزارعين غرب تعز بجروح بالغة أثناء عملهم في أرضهم، بينما قُتل طفل بريء في شبوة وهو يرعى أغنامه، ضحية لذخائر الموت المزروعة في الطرق والحقول.
وفي لحج، عُثر على جثة مجهولة الهوية ملقاة بجانب الطريق، في قضية غامضة تزيد من قلق الأهالي، فيما شهدت تعز محاولة اغتيال جديدة نجا منها مواطن بأعجوبة بعدما استهدفه مسلح مجهول بوابلٍ من الرصاص.
ولم تسلم مأرب من الفقد، إذ فارق طفل في العاشرة الحياة غرقًا في سائلة الميل، لتُضاف دموع عائلته إلى نهر الحزن الذي اجتاح البلاد في يوم واحد.
إنه يومٌ ثقيل على اليمنيين، يوم تحوّل فيه الموت إلى رفيقٍ يتنقل بين المدن، تاركًا وراءه أسرًا منكوبة، وبلادًا تستنزفها الحرب، والفوضى، وطرقات الموت.