آخر تحديث :الخميس-25 سبتمبر 2025-08:43م
أخبار وتقارير

ثورة 26 سبتمبر.. الحصن الذي ما زال يحمي اليمن من مشاريع السلالة والاستبداد

الخميس - 25 سبتمبر 2025 - 07:25 م بتوقيت عدن
ثورة 26 سبتمبر.. الحصن الذي ما زال يحمي اليمن من مشاريع السلالة والاستبداد
القسم السياسي

تحل غداً الجمعة الذكرى الثالثة والستون لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، الثورة التي غيّرت وجه اليمن وأسقطت حكم الإمامة الكهنوتي، لتفتح الباب أمام الجمهورية كخيار شعبٍ تواق للحرية والعدالة والمساواة. وفي لحظة تعصف فيها البلاد مجددًا بمحاولة إعادة الإمامة بثوب جديد عبر جماعة الحوثي، تبدو الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لاستحضار روح هذه الثورة واستعادة دروسها.


فثورة سبتمبر لم تكن حدثًا عابرًا في تاريخ اليمن، بل كانت نقطة تحول جذري، أزاحت نظامًا استبداديًا حكم البلاد باسم "السلالة والحق الإلهي" لقرون طويلة. لقد شكّلت الثورة انتصارًا للقيم الجمهورية في مواجهة الاستعباد الفكري والسياسي، ورسالة واضحة بأن اليمنيين لا يمكن أن يقبلوا العبودية ولا الاستسلام لمشاريع الماضي.


اليوم، وبينما تحاول جماعة الحوثي إعادة إنتاج مشروع الإمامة ذاته تحت شعارات "الولاية" و"السلالة" والخرافات الزائفة، تبرز ثورة سبتمبر كدرع واقٍ في وجدان اليمنيين، يذكّرهم أن هذا الشعب أسقط من قبل مشروعًا مماثلًا، وأنه قادر على أن يسقطه مرة أخرى مهما طال الزمن.


إن الحوثيين يحاولون منذ سنوات طمس الوعي الوطني، وتغيير المناهج، وزرع أفكارهم القائمة على الحق الإلهي، لكن ذاكرة اليمنيين ما تزال حيّة، مرتبطة بيوم السادس والعشرين من سبتمبر، الذي يمثل عهدًا جديدًا للحرية والمساواة. هذه الذكرى لم تعد مجرد احتفال سنوي، بل أصبحت في زمن الحرب سلاحًا معنويًا، يوحد اليمنيين ضد مشروع طائفي غريب على روح الشعب وتاريخه.


ولعل المفارقة أن التضحيات التي قدّمها آباء الثورة بالأمس في مواجهة الاستبداد، تتجدد اليوم بصورة أخرى على يد أبناء اليمن الذين يقاومون المشروع الحوثي. فالثورة كانت ولا تزال معركة وعي قبل أن تكون معركة بندقية، وواجب كل يمني أن يواصل حماية مكتسباتها من محاولات التزييف والطمس.


إن استحضار ثورة سبتمبر اليوم يعني الدفاع عن حق المواطن في أن يعيش متساويًا مع أخيه بعيدًا عن أي تمييز سلالي أو مناطقي. ويعني كذلك أن اليمنيين جميعًا أمام مسؤولية تاريخية: إما أن يتمسكوا بجمهوريتهم ويحموا تضحيات آبائهم، أو يتركوا الباب مفتوحًا أمام من يريد أن يعيد عجلة التاريخ إلى الوراء.


ختامًا، فإن السادس والعشرين من سبتمبر ليس مجرد تاريخ في الذاكرة الوطنية، بل هو الحصن الذي يحمي اليمن من السقوط في مشاريع السلالة والخرافة، وهو الروح التي يجب أن تُبقي اليمنيين متحدين في مواجهة محاولات التمزيق والهيمنة. هذه الثورة التي أشعلها الأحرار قبل 63 عامًا هي ذاتها التي ما زالت اليوم توقظ الوعي وتعيد الأمل، وتؤكد أن لا عودة للإمامة مهما تعددت وجوهها أو تبدلت شعاراتها.