تستعد مدينة المزّونة التونسية لاستقبال فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من المهرجان الدولي للأغنية الريفية والشعر الشعبي، في حدث ثقافي يمتد لستة أيام، من 10 إلى 15 أكتوبر 2025. وتأتي هذه الدورة تحت عنوان محوري هو "الشاعر المقاوم أحمد السايح"، وشعار جامع: "الحركة الوطنية بلسان الذاكرة الشعبية"، تأكيدًا على الدور المحوري للفن الشعبي في حفظ تاريخ المقاومة.
أيام العنفوان: الذاكرة والتراث في صدارة الافتتاح
تبدأ فعاليات المهرجان يوم الجمعة 10 أكتوبر باستقبال الوفود في دار الثقافة المزونة، ليُفتتح رسميًا بعرض تراثي فرجوي ضخم بعنوان "فرسان النجع" في جبل المزونة وسيشهد الافتتاح لمسة وفاء لسلسلة من الشعراء الشعبيين الراحلين الذين أثروا المشهد الثقافي، من بينهم عبد النبي بوزيان، البشير المقطوف، والشاعر المكرم أحمد السايح. وتتوج الأمسية بعرض فني مدعّم يقدمه المايسترو والملحن التونسي عبد الرحمان العيادي.
المقاومة المسلحة: ندوة فكرية بمشاركة عربية
يخصص اليوم الثاني، السبت 11 أكتوبر، لندوة فكرية شاملة تحت عنوان "الحركة الوطنية بالجهة من خلال الذاكرة الشفوية". تستضيف الندوة باحثين ومقاومين من تونس والوطن العربي، تسبقها فعاليات فنون الرمي في جبل العين بالمزونة.
ويشارك من تونس في الندوة الفكرية الدكتور بوجمعة المشي الذي سيعرض شهادات حية للمقاومين عبيد الشرايطي والبشير الزيدي حول تجربتهما النضالية.
يناقش الدكتور فتحي طاهري دور الرواية الشفوية كمصدر لدراسة الحركة الوطنية، بينما يتحدث الدكتور لطفي عباسي عن دور الشهادة الشفوية في تاريخ المقاومة المسلحة.
تتجاوز الندوة الحدود، بمداخلات من الخارج، أبرزها مداخلة الدكتور إبراهيم خضر من فلسطين بعنوان "رواسي الحرف طالهم القصف"، والدكتور مجيب الرحمان الوصابي من اليمن الذي سيسلط الضوء على الشاعر اليمني عبد الله هادي سبيت كشاعر للثورة ضد الاستعمار البريطاني، والدكتور صالح الفالحي: في أهمية جمع وتوثيق التراث الشفوي.
وفي المساء، في فضاء منتزه البلدي، تقام سهرة شعرية كبرى بعنوان "من الطّلح نصنع الفرح"، تشهد مسابقة شعرية بين الأطفال وقراءات لشعراء عرب، منهم خالد الحمد (لبنان)، وأمين بيت العافية (ليبيا)، وفايزة مليكشي (الجزائر)، بالإضافة إلى شعراء "نجد سيدي مهذب" من الجهة.
من سيدي مهذب إلى بوهدمة: العرض الفني والتكريم
في يوم الأحد 12 أكتوبر، يعرض في الصباح في دار الشباب بالمزونة شريطا وثائقيا قصيرا بعنوان (السخاب) من انتاج جمعية المهرجان الدولي للأغنية الريفية والشعر الشعبي بالمزونة وتتوصل عقبه الندوة الفكرية بجلسة ثانية تتناول "تجلّيات المقاومة في الشعر الشعبي" للدكتور مصطفى بوقطف، ودور "زاوية سيدي مهذب" في تشكيل الهوية الروحية والتاريخية لقبيلة المهاذبة، للدكتورة مبروكة حميدان. يلي ذلك قراءات شعرية مخصصة لفلسطين.
وتتوهج الأمسية في فضاء المنتزه البلدي بعرض "رحلة نجع" للمخرج الصحبي فرج، بمشاركة نخبة من نجوم الأغنية البدوية من نجد سيدي مهذب، مع تكريم للشاعر سالم الدلنسي والإعلامي أناس حراثي من "ليل القوافي" بإذاعة قفصة.
تخليد الشهداء والختام من موطن الشاعر
تخصص أيام الاثنين والثلاثاء (13 و 14 أكتوبر) لرحلات ثقافية للضيوف إلى محمية بوهدمة، وعروض وثائقية متكررة حول "شهداء 13 سبتمبر 1954 - معركة جبل بوهدمة".
ويأتي الاختتام يوم الأربعاء 15 أكتوبر، بالتزامن مع عيد الجلاء، ليكون بمثابة وقفة تاريخية في قرية هدّاج، موطن الشاعر المقاوم أحمد السايح خلفالله. تتضمن الفقرات زيارة النصب التذكاري لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وعرض الشريط الوثائقي عن معركة بوهدمة التي كان الشاعر أحد أبطالها. ويختتم المهرجان بقراءات شعرية من قصائد الشاعر الراحل وقصائد وطنية حول فلسطين، وتكريم عائلته.
وفي تصريح مقتضب لوسائل الإعلام قال الشاعر محمد الغزال الكثيري بان هذه الدورة ستكون مميزة من حيث البرامج المتعددة وعدد الأيام والفعاليات التي ستشمل ضواحي القرى والبلدات التابعة للمزونة وولاية سيدي بوزيد ، وقدم شكره لكل الجهات الداعمة الضيوف المشاركين من شعراء وادباء وباحثين
الجدير بالذكر: المدونة الفنية والثقافية للمهرجان تعكس إصرار المزونة على ربط الأغنية الريفية والشعر الشعبي بالذاكرة الجماعية والمقاومة الوطنية، في دورة تُعد بتأكيد فريد على أصالة الفن وقوته في توثيق التاريخ.
