آخر تحديث :الإثنين-06 أكتوبر 2025-12:22ص
حوارات

رائدة تعليم البنات في مودية الأستاذة خديجة الظهر : الماضي جنة ونعيم ، والحاضر نار وجحيم

الأحد - 05 أكتوبر 2025 - 11:01 م بتوقيت عدن
رائدة تعليم البنات في مودية الأستاذة خديجة الظهر : الماضي جنة ونعيم ، والحاضر نار وجحيم
حاورتها / منى الشيبة

أن تقرأ في كتب التاريخ متعة وفائدة، لكن أن تجلس إلى أحد صنّاعه وتستمع إليه مباشرة، فذلك شعور مختلف تماماً!

من جميل حظي أن ألتقي المعلمة والمربية المخضرمة الأستاذة خديجة علي أحمد ناصر الظهر، رائدة تعليم البنات في مودية، وأحد المؤسسين الأوائل لمسيرته التعليمية النسائية، في أول ظهور إعلامي لها ضمن حوار خاص


رحلة طويلة امتدت من عدن إلى مودية، ومن الكتاب إلى الفصول الدراسية، سطّرت فيها الأستاذة خديجة تاريخاً تربوياً مضيئاً، نستعرض بعض ملامحه في هذا الحوار الشيق.



من هي الأستاذة خديجة الظهر؟


ولدتُ في عدن عام 1945م، وأنا أرملة الأستاذ القدير المرحوم سعيد عثمان عشال، وأم لولديه.


حدثينا عن بداية دراستك ؟


قبل المدرسة التحقتُ بالـ"كتّاب"، حيث تعلمتُ القرآن الكريم والقراءة والكتابة، ثم التحقتُ بمدرسة أهلية (المدراسي) في عدن.

كنتُ طالبة في الصباح، ومعلمة في المساء، أُدرّس للفتيات في الفتره المسائية، حتى أكملتُ المرحلة المتوسطة (الإعدادية).


ومتى بدأتِ رحلتك العملية في مودية؟


بعد إنهاء الدراسة المتوسطة، عدتُ إلى بلدة الأهل والأجداد مودية، وسكنتُ عند جدتي لأمي.

في تلك الفترة كان خالي محمد سعيد الظهر قد فتح فصلاً دراسياً في منزله لتعليم بنات العائلة ومن ترغب من الأسر الأخرى، وكان حب آل الظهر للعلم وتشجيعهم لتعليم البنات دافعاً كبيراً لي.


من كانت أول معلمة للفصل؟


كانت هناك معلمة أسترالية تُدعى الأستاذة موس، مكثت فترة قصيرة ثم غادرت، فتوليتُ مهمة التدريس من بعدها.

لاحقاً تحوّل الفصل إلى مدرسة رسمية للبنات تحت إشراف الأستاذ سعيد عثمان عشال، مشرف التعليم في دثينة حينها، والذي كان داعماً ومشجعاً لتعليم الفتاة.


متى تأسست مدرسة البنات؟ وكم كان عدد التلميذات؟


كان ذلك في عام 1964م تقريباً، وكان عدد التلميذات عشر طالبات فقط، أغلبهن من بنات آل الظهر، وهن من أصبحن فيما بعد رائدات التعليم في مودية.



هل كان معك طاقم تدريسي منذ البداية؟


في البداية كنتُ المعلمة والمديرة في آن واحد.

ثم التحقت بالتدريس كل من:

أ. أميرة ناصر علي الظهر

أ. فتحية محمد سعيد الظهر

أ. فايزة محمد سعيد الظهر

أ. سميرة هيثم علي الظهر


ما طبيعة المناهج الدراسية آنذاك؟


كان المنهج المصري هو المعتمد، وكانت الكتب متوفرة، والمدرسة منظمة بلوائح تربوية صارمة ومنضبطة.


كيف كان إقبال الأهالي على تعليم بناتهم؟


كان الإقبال جيداً ومتزايداً، والأهالي على قدر كبير من الوعي رغم بساطة الحياة حينها.

بل إن وعيهم كان أعلى مما نراه اليوم، فقد أحبوا العلم وسعوا إليه.


كم استمرت إدارتك للمدرسة؟


أدرتُ المدرسة قرابة أربع سنوات، ثم عدتُ إلى عدن، وتولت الإدارة بعدي الأستاذة أميرة ناصر علي الظهر.


وماذا عن رحلتك بعد العودة إلى عدن؟


عملتُ في مركز البس لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتعلمتُ فيه مهارات يدوية كنت أُدرّسها لتلميذاتي فيما بعد.

ثم رشحني المركز لمنحة دراسية إلى الاتحاد السوفيتي، درستُ خلالها طرق التعليم الحديثة وتوظيف المهارات الفنية في العملية التعليمية، وعدت بعدها لأدرّس في مدارس عدن (كريتر والشيخ عثمان)، قبل أن أعود إلى مودية في الثمانينات.


وماذا وجدتِ بعد عودتك إلى مودية؟


بعد الاستقلال، تم دمج البنين والبنات في مدرسة واحدة، هي مدرسة الشهيد العروس الموحدة، وعملتُ فيها معلمة للصفوف الأولى.

ثم عُدتُ لاحقاً كأول مديرة لأول مدرسة للبنات بعد فصل الجنسين، وهي مدرسة أم سلمة للبنات، لكني بقيت عاماً واحداً فقط، لأنني فضّلتُ التعليم في رياض الأطفال، فالأطفال أقرب إلى قلبي.


كيف تقارنين بين الماضي والحاضر في التعليم؟


الماضي جنة ونعيم، والحاضر نار وجحيم.

كان التعليم سابقاً قائماً على أسس قوية، يجمع بين التربية والتعليم، أما اليوم فصار هشاً، وجيل اليوم هو جيل الشاشة والهاتف.

أما نحن فحنيننا دائماً لذلك الماضي الجميل:

شوقنا بالشوق لش يا أرضنا

شوقنا للعز دي كان عندنا

شوقنا للأهل والأحباب

كلهم دي راحوا مننا


هل تكتبين الشعر؟


أكتب بعض الخواطر فقط، لا أعدها شعراً، بل مشاعر مكتوبة.


كنتِ تشجعين التلميذات على الأشغال اليدوية، ما الهدف من ذلك؟



تعلمتُ هذه المهارات في مركز (البس) وفي روسيا، وكنت أؤمن أن الحرفة وسيلة تربوية تنمي الذوق والمهارة وتفيد الفتاة في حياتها.


كيف ترين مخرجات التعليم في مودية اليوم؟


المخرجات قديماً أفضل بكثير؛ كانت المدارس تخرج جيلاً واعياً ومؤثراً، أما اليوم فالأمر مختلف تماماً.



وماذا عن حال التعليم في البلاد عموماً؟


للأسف، الوضع التعليمي متدهور جداً، لا اهتمام بالقراءة ولا تقدير للمعلم، والأوضاع العامة انعكست سلباً على التعليم.


ما رسالتك لطالبات اليوم ومعلماتهن؟


أقول لبناتي الطالبات:

التعليم نور، والجهل ظلام، فتمسكن بالعلم ولا تفرطن فيه.


وللمعلمات:

حببن الطالبات في التعليم، وعلّمنهن مهارات تنفعهن في حياتهن، وأعيدوا الحصص المهنية والفنية إلى المدارس، فليست الدراسة حشواً للمعلومات فقط، بل حياة ومهارة وإبداع.



وما نصيحتك للأمهات والآباء؟


الزمن تغير، والأمهات اليوم لا يملكن صبراً كالسابق.

على الآباء والأمهات أن يجلسوا مع أولادهم، يعلموهم القرآن، ويغرسوا فيهم حب التعلم والجد والاجتهاد، وألا يتركوهم للشاشات والهواتف.



كلمتك الأخيرة للمسؤولين عن التعليم في مودية؟


اهتموا بالتعليم، وطوّروا الوسائل التعليمية، وأعطوا المعلم حقه في التأهيل والاحترام، وفعّلوا فصول محو الأمية، فالأمم لا تنهض إلا بالعلم.



كلمة شكر

شكراً للأستاذة خديجة الظهر على هذا اللقاء النادر بعد كل هذه العقود من العطاء.

وندعو السلطة المحلية في مودية إلى تكريمها تكريماً يليق بتاريخها ودورها الرائد في مسيرة تعليم الفتاة في المديرية.