في قلب مدينة الغيضة بمحافظة المهرة تقف مدرسة الشعب، واحدة من أعرق المدارس الأساسية التي شكّلت لعقود طويلة منارة للعلم خرّجت أجيالاً عديدة. هذه المدرسة التي تضم الصفوف من الأول وحتى التاسع، تحوّلت اليوم إلى صرح تعليمي محاصر بمظاهر صادمة من التلوث والإهمال، لا تليق ببيئة يُفترض أن تكون آمنة ونظيفة للأطفال.
فمن الاتجاهات الأربع، تطوّق المدرسة سيارات الخردة المتراكمة والزيوت العادمة المتسربة من تحتها، مشكلة بيئة ملوثة بصريًا وصحيًا. وأمام البوابة وعلى امتداد حوش المدرسة، تنتشر النفايات المعدنية والقاذورات البشرية الناتجة عن متبولين وماضغي القات، في مشهد منفّر يزرع الانزعاج وربما النفور في نفوس التلاميذ بدل أن يحفزهم على التعلّم.
الأمر اللافت – والمثير للاستغراب – أن كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع السلطة المحلية ومكتب التربية والتعليم في المهرة دون أي تدخل يُذكر، ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا الصمت المريب، وهل وراءه مصالح خاصة سمحت بتحويل محيط المدرسة إلى ما يشبه مكبًا للخردة؟
وفي الوقت الذي تُنشأ فيه في دول العالم مدن صناعية خاصة لمثل هذه الأنشطة بعيدًا عن المدارس والأحياء السكنية، نجد أن مدرسة الشعب في الغيضة تُركت فريسة للفوضى والإهمال، لتصبح رمزًا للتناقض بين ما يُفترض أن يكون عليه التعليم وما آل إليه الواقع.
إن النداء اليوم موجّه للسلطة المحلية في المحافظة والمديرية، ولمكتب التربية والتعليم، ولوجهاء المجتمع: أنقذوا مدرسة الشعب. فهي ليست مجرد مبنى، بل مستقبل أمة بأكملها. نظافتها وحمايتها مسؤولية مشتركة، تبدأ من المؤسسات الرسمية ولا تنتهي عند حدود المجتمع المحلي.