تُعد الفنانة التونسية زهرة الأجنف، المولودة في جبل السوينية بولاية قفصة بالجنوب التونسي، من أبرز الأسماء الفنية التي كرست مسيرتها لإحياء وتقديم التراث الغنائي التونسي برؤية أكاديمية متجددة. الأجنف ليست مجرد مغنية ومؤلفة أغانٍ، بل هي أيضًا أستاذة موسيقى، حيث تخرجت من المعهد العالي للموسيقى في تونس.
مشروع فني مؤسس على البحث الميداني
يرتكز مشروع الأجنف الفني على اهتمامها الأساسي بالتراث الموسيقي والغنائي وموسيقى الشعوب. وفي سبيل ذلك، أجرت عدة بحوث ميدانية في أرياف تونس، تركزت بشكل خاص على السجل الغنائي النسوي، والأغاني المصاحبة لأعمال المرأة من ارتجالات وأغاني المحفل.
وقد استفادت الفنانة من خصوصية التقنيات الصوتية المستعملة في هذا التراث، مما جعلها تنفرد بأسلوب خاص في تناول التراث، حيث لُقّبت بـملكة الأغنية البدوية. استلهمت موسيقاها من القوالب التقليدية مثل الملالية (الارتجال)، أغاني العمل، أغاني المحفل، والملزومة (أغاني الرجال)، ثم أضافت عليها روحاً جديدة وبعداً أرحب يخاطب الإنسان والكون.
وفي إطار التجديد، مزجت زهرة الأجنف عديد الإيقاعات والأنماط الموسيقية العالمية مثل الجاز والبلوز والبوب، مع المحافظة على الروح الأصلية للتراث التونسي.
محطات فنية وجولات دولية
أثرت زهرة الأجنف تجربتها بعديد اللقاءات الفنية مع موسيقيين من مختلف البلدان وخاصة المتوسطية منها، مما ساهم في تصنيف موسيقاها ضمن الموسيقى العالمية (World Music). وقد قامت بعديد الجولات في أوروبا، بالإضافة إلى حضورها الفاعل في جل المهرجانات الثقافية بتونس، مثل مهرجان قرطاج الدولي بعرض "رقصة الخطيفة" 2013، وتقديمها عرض "حوار متوسّطي" في مهرجان الحمامات الدولي (2009)، كأول فنانة تغني فيه التراث الأمازيغي.
وقد ركزت منذ بدايتها على تقديم مشروع فني متكامل فقد اهتمت بأغاني الهدهدة او التهويدات بعرض "قصر الغولة" وكذلك الأغاني الصوفية والذكر البدوي تمثلت في عرض "الباز بلبل الأفراح " و
وفي سجل أعمالها البارزة:
أصدرت أول أغنية "عرجون الدڨلة" 2004 كلمات الشاعر آدم فتحي ومن ألحان الفنان لطفي بوشناق
أصدرت أول ألبوم لها بعنوان "رقراق" سنة 2005.
صورت فيديو كليب لأغنية "رد النبا" سنة 2007.
أصدرت ألبومها الثاني "شامة" سنة 2010.
ثم ركزت على انتاجها الخاص اذ اصدرت عدة اغاني "الخطيفة" طير الريش" يا قمر طاح " غزالي " "همايون " وهي بصدد تسجيل أغنية "رڨراڨ وغيم "وتستعد لتصوير كليب
زهرة الأجنف والسر العاطفي لليمن
في جانب إنساني وشخصي عميق، تحدثت زهرة الأجنف عن ارتباطها الروحي الاستثنائي باليمن. حيث عبرت عن شعورها بقوة بأن "جزء منها هناك، أو أن جزءاً من اليمن في روحها". وأكدت أن هذا الإحساس هو شعور أعمق من الوصف ولا يتعلق فقط بتقديرها للموسيقى والغناء اليمني الأصيل وأعلامه الكبار مثل أحمد قاسم وفيصل علوي والعطروش والمرشدي وأيوب وبلفقيه وغيرهم.
وقالت الأجنف: "عندما أشاهد فيلماً وثائقياً عن اليمن وجباله وشواطئه وجزره، أشعر أني رأيتها من قبل أو أن شيئاً يربطني بها من قبل، وكلما تعمقت في الإجابة عن سر تعلقي باليمن أتوه". هذا التعبير يؤكد أن الفن بالنسبة لها هو وسيلة للتعبير عن الهوية والروح التي قد تمتد جذورها لأبعد من حدود الجغرافيا.