في مشهد يفيض بالحياة، يشهد مركز الفنون والثقافة والموروث الثقافي الشعبي في عدن حراكًا فنيًا غير مسبوق، تقوده باقتدار الفنانة أنيسة أنيس عباس بمساندة سالم الحطاب وأيمن الجيلاني، لإحياء روح الأغنية العدنية والرقصات الشعبية الأصيلة، وفتح فضاءات جديدة أمام الشباب وذوي الهمم – وخاصة الصم – للتعبير والإبداع.
تقول أنيسة في حديثها لصحيفة عدن الغد إن المركز يعمل حاليًا على تشكيل فريق غنائي شبابي يقدّم الأغاني العدنية التراثية بتنوعها الإيقاعي والشرائحي وبلمسة هندية مميزة، بمشاركة أصوات نسائية تتراوح أعمارهن بين 18 و30 عامًا، وعددهن عشر فتيات تم اختيارهن بعناية لتأدية روائع من إرث العزاني والمرشدي وأحمد قاسم. وأضافت أن المركز أنهى المرحلة الأولى من التدريبات وبدأ التسجيلات والتوزيع الموسيقي، تمهيدًا لإطلاق أولى الأعمال قريبًا، مشيرةً إلى أن التحضيرات لتصوير الفيديو كليب والرقصات الشعبية في مراحلها النهائية.
ولا يقتصر نشاط المركز على الغناء، إذ بدأ فعليًا في توثيق الرقصات الشعبية بعدسة احترافية وتسجيل الغناء الجماعي داخل استوديوهات متكاملة، بهدف إبراز جماليات الهوية الفنية العدنية على نطاق واسع.
وتضيف أنيسة أن مشروع الغناء الجماعي يمثل تجربة فريدة لتدريب الفتيات على الأداء الأكاديمي المستند إلى الموروث العدني، مؤكدة أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في عدن، داعية الجهات الرسمية إلى دعم هذا الجهد الإبداعي الذي يحافظ على التراث غير المادي للمدينة.
وخلال الأشهر الماضية، قدّم المركز سلسلة من الأنشطة اللافتة، منها مخيم فني للأطفال كشف عن طاقات مذهلة في الموسيقى والكتابة والرسم بإشراف مختصين، إضافة إلى دورة في الذكاء الاصطناعي والفنون استفادت منها 15 شابة تعلمن خلالها توظيف التقنيات الحديثة في التلوين والتصوير وكتابة القصص.
كما نفّذ المركز برنامج التمكين الحرفي المبتكر الذي أنتج قطعًا فنية فريدة جمع فيها المشاركون بين الأصالة والرؤية المعاصرة، إلى جانب دورة تدريبية للصمّ شارك فيها 12 شابًا وشابة اكتسبوا مهارات عملية في التصوير الميداني واستخدام الكاميرات، على أن تُختتم الفعاليات بمعرض فني نهاية نوفمبر القادم.
وتأتي هذه الأنشطة ضمن مشروع “السلام ورُوّاد الفنون” بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبالشراكة مع منظمة كير الدولية، بهدف تمكين الشباب وإحياء التراث وإبراز الفنون كجسر للسلام والتعبير والهوية.
إنه حراك ثقافي لا يقتصر على استعادة الماضي، بل يفتح نوافذ للمستقبل، ليعود التراث العدني نابضًا من جديد — بأصواتٍ شابةٍ تُغنّي، وأيدٍ مبدعةٍ تُلهم.