آخر تحديث :الخميس-23 أكتوبر 2025-09:53م
فن

عندما تُغازلُ ريشةُ سيد علي ذاكرةَ الوطن

الخميس - 23 أكتوبر 2025 - 04:38 م بتوقيت عدن
عندما تُغازلُ ريشةُ سيد علي ذاكرةَ الوطن
تونس (عدن الغد) درة بن سعيد:

إنَّ الفنّ الحقيقي هو الذي يتنفَّسُ عبقَ الأرضِ وصدقَ الوجدان، وهذا ما يتجسدُ بوضوحٍ آسِرٍ في أعمال الفنان الجزائري سيد علي. فليست لوحاته مجرد تراكيب لونية، بل هي مقطوعاتٌ بصريةٌ تنبضُ بجمالٍ فريدٍ ينسجُ خيوطه بين أصالة التراث وعذوبة الحداثة.


في محرابِ ريشته، تتحوّلُ الألوان إلى لغةٍ تهمسُ في شغافِ القلب. تراهُ يختارُ الألوانَ الدافئةَ التي تشي بنور الشمس المتوسطية ودفءِ البيوت القديمة، فيما تتراقصُ الخطوطُ المتناغمةُ على سطح اللوحة، كأنها إيقاعاتٌ موسيقيةٌ تُنشدُ قصيدةً عن الحياة. إنه يملكُ قدرةً ساحرةً على نقلِ المشاعرِ بصدقٍ وعمقٍ، فكلُ ضربةِ فرشاةٍ تحملُ نبضاً حياً، وكلُّ مزجِ لونٍ يروي حكايةً.


سيد علي بريشته، ليس سوى شاعرٍ يترجمُ روحَ الجزائر في أبهى صورها. أعماله جسرٌ بين الأمسِ واليوم، يعبرُ بنا إلى تنوعها الثقافي والطبيعي. نشهدُ فيها لمساتٍ من الحياة الريفية ببساطتها الآسرة، وشخوصاً من المدينة القديمة بوقارها التاريخي، ووجوهَ الإنسان البسيط بنقاء سريرته.


إنَّ كلّ لوحةٍ لدى هذا الفنان هي بمثابةِ نافذةٍ تأمليةٍ تُفتحُ على معنىً عميق، وكشفٍ لحسٍ فنيٍ راقٍ. هي دعوةٌ للتوقفِ طويلاً، لا لمجرد الاستمتاعِ بالمنظر، بل للغوصِ في بحرِ الحكاياتِ والمعاني الكامنة، لتظلّ أعمالُ سيد علي شاهداً فنياً خالداً على هويةٍ تتجددُ ولا تندثر.