في خطوة علمية قد تُغير مستقبل مرضى السكري من النوع الثاني، كشف باحثون في معهد ماونت سيناي الأمريكي عن مركب طبيعي يُعرف باسم "هارمين"، قادر على إعادة تنشيط خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين، ما يمهّد لعلاج جذري يُحرّر المرضى من الاعتماد المستمر على الأدوية.
وأوضحت الدكتورة يارا لطيفة، أخصائية الغدد الصماء في مستشفى الإمارات دبي، أن الهارمين يعمل على تحفيز خلايا بيتا في البنكرياس للتكاثر بعد توقفها عن الانقسام الطبيعي، لتعيد إنتاج الإنسولين بكفاءة، خاصة عند دمجه مع أدوية منشطات مستقبلات GLP-1 مثل سيماغلوتايد وأوزمبيك، ما أدى في التجارب المخبرية إلى زيادة خلايا بيتا بمعدل سبعة أضعاف خلال أسابيع قليلة، واستعادة مستويات السكر الطبيعية في الدم.
ويعتبر السكري من النوع الثاني نتيجة مقاومة الجسم للإنسولين، ويؤثر بشكل خاص على القلب والكلى والأعصاب والعينين. ويشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 500 مليون شخص حول العالم يعانون من هذا النوع، وتظهر معدلات مرتفعة بشكل خاص في الدول العربية والخليجية، بين الشباب والنساء في منتصف العمر.
وأشارت الدكتورة لطيفة إلى أن اكتشاف الهارمين يمثل خطوة ثورية، لكنه لا يغني عن الوقاية، مؤكدة على أهمية:
1. الغذاء المتوازن: تناول الألياف والخضروات والحبوب الكاملة، وتقليل السكريات المكررة.
2. النشاط البدني المنتظم: مثل المشي السريع لمدة 30 دقيقة يوميًا لتعزيز حساسية الإنسولين.
3. النوم وإدارة التوتر: لتقليل هرمون الكورتيزول الذي يزيد مقاومة الإنسولين.
كما ذكرت أن التجارب البشرية على الهارمين في مراحلها الأولية أظهرت سلامة المركب بجرعات محددة، وأن الأبحاث مستمرة لتطوير تقنيات نانوية توصل الدواء مباشرة إلى البنكرياس، مع المحافظة على سلامة باقي الخلايا.
وتتزامن هذه التجارب مع أبحاث موازية حول الخلايا الجذعية والعلاج الجيني، التي تهدف إلى تحويل خلايا الجسم إلى خلايا بيتا منتجة للإنسولين، ما يفتح أفقًا لمرحلة جديدة من العلاج والوقاية، خصوصًا للجيل القادم.
واختتمت الدكتورة لطيفة بالقول: "هذا الاكتشاف يمنح المرضى الأمل، وقد لا يكون العلاج متاحًا اليوم، لكنه أقرب مما نتخيل. العلم لا يعرف المستحيل، والإرادة تصنع الشفاء."