شهدت محافظة لحج بشكل عام و دلتا تبن خاصة خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات نهضة زراعية كبيرة تمثلت في انتشار زراعة القطن الذهب الأبيض على نطاق واسع الأمر الذي جعل من هذه المنطقة أحد أهم مصادر إنتاج القطن في البلاد..
*أولاً: زراعة القطن في لحج*
كان القطن المزروع في تلك الفترة من الأصناف متوسطة التيلة ويبدأ موسم الزراعة عادة من شهر أغسطس حتى أكتوبر تتم الزراعة بالري السيلي أي اعتمادا على مياه السيول التي تروي الأراضي الزراعية وتستخدم في حراثة الأرض المحاريث البلدية التي تجرّها الأبقار.
بعد ري الأرض بالسيل تحرث وتزرع بالضمد داخل أتلام تبعد عن بعضها حوالي مترين ثم تجرى عمليات الترقيع والفقح لضمان نمو متجانس للمحصول.
وبعد مرور نحو أربعة أشهر تبدأ لوزات القطن بالتفتح معلنة بدء موسم الجني الذي كان يمثل مصدر دخل رئيسي لعشرات الأسر في المنطقة.
*ثانيا محلج القطن في صبر*
خلال تلك الحقبة تم إنشاء محلج القطن في منطقة صبر بمحافظة لحج ليكون أحد أهم المرافق الزراعية في الجنوب كان المحلج يقوم بعمليات حلج القطن وتجهيزه للتسويق والتصدير ويسهم بشكل فعّال في تحسين جودة الإنتاج ورفع قيمته الاقتصادية مما جعله من الركائز الأساسية لدعم الاقتصاد المحلي والوطني.
*ثالثا: مراحل عملية الحلج*
تمر عملية الحلج بعدة مراحل رئيسية:
*ميز الفرفرة:*
يقوم العمال في هذه المرحلة بإخراج القطن من الأكياس أو الطرابيل ثم فرفرته وتنظيفه من الشوائب الأولية قبل نقله إلى آلات الحلج.
*مرحلة الحلج:*
في هذه الخطوة تفصل البذور والشوائب عن التيلة باستخدام الآلات ليظهر القطن بمظهره الجميل ولونه الأبيض الناصع وملمسه الناعم.
*ميز الشعر والمكبس:*
بعد الحلج ينقل القطن إلى ميز الشعر حيث يجهز ثم يرسل إلى المكبس وهناك تجرى عملية الكبس والتعبئة في بندات (بالات) ليصبح القطن جاهزا للتصدير المحلي والخارجي.
لم يقتصر دور محلج صبر على خدمة المزارعين فحسب بل كان أيضا رافدا اجتماعيا واقتصاديا مهما في محافظة لحج.. فقد استوعب المحلج خلال فترة عمله أعدادا كبيرة من طلاب المدارس خلال العطلة الصيفية حيث عملوا فيه في مختلف المراحل الإنتاجية مما أتاح لهم فرصا لكسب الدخل وتوفير احتياجاتهم الدراسية من كتب وملابس وأدوات مدرسية.
ورغم أن محلج القطن في صبر اليوم قد أصبح أثرا من الماضي وتوقفت زراعة القطن في دلتا تبن ومحافظة لحج بشكل عام إلا أن ذكراه ما تزال حاضرة في وجدان أبناء المحافظة الذين يتمنون أن يعود الزمن الجميل زمن الإنتاج والعمل الجماعي حين كان القطن رمزا للعطاء والرخاء الاقتصادي.
وفي الاخير اتقدم بخالص الشكر والتقدير للمهندس حسين العماد على دعمه الكريم وتعاونه معي في تزويدي بالمعلومات القيمة حول زراعة القطن ومحلج صبر وإسهامه في توثيق هذا الجانب المشرق من تاريخ محافظة لحج الزراعي.