آخر تحديث :الأحد-02 نوفمبر 2025-01:41م
أخبار وتقارير

دعوات يمنية إلى إنصاف الأطفال الضحايا ضمن مسار العدالة الانتقالية

الأحد - 02 نوفمبر 2025 - 08:41 ص بتوقيت عدن
دعوات يمنية إلى إنصاف الأطفال الضحايا ضمن مسار العدالة الانتقالية
عدن الغد - الشرق الاوسط

دعا حقوقيون يمنيون إلى إعادة تأهيل الضحايا من الأطفال ضمن مسار العدالة الانتقالية، في حين أظهرت دراسة حديثة استمرار الانتهاكات الجسيمة ضدهم؛ إذ تصدّر التجنيد قائمة الانتهاكات، في وجود فجوة واسعة بين الالتزامات التشريعية والدولية والحماية الفعلية، رغم توقيع الاتفاقيات وخطط العمل مع الأمم المتحدة.

وكشفت الدراسة التي أصدرها التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن (تحالف رصد) عن أن تجنيد الأطفال في النزاع المسلح في اليمن حاز على نسبة 88.7 في المائة من قائمة الانتهاكات، يليه القتل أو الإصابة بنسبة 61.7 في المائة، والعنف الجنسي 51 في المائة، والهجمات على المدارس والمستشفيات 50 في المائة.

وقال رئيس التحالف الحقوقي، مطهر البذيجي، إن الدراسة واحدة من مخرجات مشروع تعزيز الوعي وضمان حقوق الأطفال في أثناء النزاع باليمن خلال مرحلته الثانية، بالتعاون مع معهد «دي تي».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف من الدراسة محاولة سدّ فجوة معرفية لطالما عاقت الجهود الوطنية والدولية في توثيق الانتهاكات الستة الجسيمة للأطفال وتحليلها ضمن إطار شامل للعدالة الانتقالية، مذكّراً بأن الأطفال هم الفئة الأكثر هشاشة والأكثر تضرراً من النزاع، ولا تزال هناك حاجة إلى التوثيق الدقيق للانتهاكات ضدهم، وإصلاح المؤسسات وإشراكهم في مساعي السلام.

وبيّنت الدراسة أن الهجمات على المرافق التعليمية واستخدام المدارس لأغراض عسكرية تسببا في تعطيل أو تدمير آلاف المدارس وحرمان أكثر من مليون طفل من التعليم، مما أسهم في ارتفاع معدلات التسرب والانقطاع الدراسي.

وتشير الدراسة إلى أنه، ورغم وجود قانون لحقوق الطفل منذ عام 2002 ومصادقة اليمن على اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها، فإن غياب التعديلات التشريعية وضعف آليات الإنفاذ والانقسام المؤسسي أفقدت هذه المنظومة فاعليتها، إذ قيّم 73.3 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن الإطار القانوني إما ضعيف وإما ضعيف جداً.

وترى رانيا خالد، الإخصائية الاجتماعية اليمنية، أن أي تأهيل للأطفال المتأثرين بالحرب في اليمن يظل تحدياً كبيراً في ظل غياب مؤسسات الدولة واستمرار النزاع وتعدد القوى المسيطرة، لكن ذلك لا يعني أنه مستحيل.

ونوهت، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن إعادة تأهيل الأطفال تتطلب تفكيراً مرحلياً وعملياً أكثر من الحلول الشاملة والفورية، ورغم أنه من الصعب الوصول إلى كل الأطفال المتأثرين بالانتهاكات، فإنه يمكن بدء العمل على مستويات تدريجية، فخلال السنوات الماضية، أظهرت التجارب الميدانية أن التدخلات المجتمعية الصغيرة وأيضاً تدخلات بعض مؤسسات المجتمع المدني وبعض المنظمات الدولية يمكن أن تُحدث فارقاً حقيقياً.

وبينما شدّدت على ضرورة التركيز على الأطفال في المخيمات والمدارس ومراكز النزوح، اقترحت تدريب المعلمين والمتطوعين على مهارات الدعم النفسي الأولي، وتوفير مساحات آمنة للأطفال في المدارس والمخيمات ومراكز المجتمع المدني، وتقديم تدخلات مجتمعية محلية صغيرة يقودها مختصون ومنظمات تعمل في الميدان، وتضمين الدعم النفسي في المشاريع الإنسانية والتعليمية القائمة.

ووصفت الدراسة الإطار القانوني لحماية الطفل في اليمن بالشكلي، وذلك لأنه لم تتم ترجمة مصادقة الدولة على الاتفاقيات الدولية وقانون حقوق الطفل إلى ممارسات فعّالة بسبب غياب التعديلات التشريعية وضعف التنفيذ والانقسام المؤسسي، ما دفع 73.3 في المائة من المشاركين في بحث الدراسة إلى اعتباره غير فاعل.

وتسبّب الانقسام المؤسسي وتعدد السلطات في تعميق الأزمة، حيث تسببت ازدواجية القوانين وضعف العمل التشريعي في تفكيك المرجعية القانونية الوطنية، مما جعل المجلس الأعلى للأمومة والطفولة خارج دور التنسيق، لتصبح خطط الحماية مرتهنة بدعم المانحين وحده.

وأظهر المراجعون التشريعيون ثغرات جوهرية مثل تحديد سن الزواج لما دون الخامسة عشرة، وعدم تجريم تجنيد الأطفال صراحة، وتضارب النصوص المتعلقة بالمسؤولية الجنائية للأحداث، وضعف الحماية من جرائم الاستغلال والعنف الجنسي، فيما لا تتناسب العقوبات المقررة مع جسامة بعض الجرائم مثل الاغتصاب، مما يقوّض فاعلية السياسة الجنائية ويكرّس الإفلات من العقاب.

ورصدت الدراسة غياب التزام فعلي ببنود اتفاقية حقوق الطفل، مقيّمة أداء المؤسسات الحكومية في حماية حقوق الأطفال بالضعيف أو الضعيف جداً، مع تسجيل تباينات طفيفة بين مناطق السيطرة المختلفة، في حين كان القاسم المشترك هو قصور الاستجابة والفاعلية في جميع الحالات، مع تعطّل البرلمان وغياب دور المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، مما جعل خطط الحماية مرهونة بدعم المانحين.

وترتب عن تلك الانتهاكات وقوع الآثار النفسية في الصدارة على المدى القصير، وتلتها الصعوبات الاجتماعية، في حين حلّت الآثار الاقتصادية في المرتبة الأخيرة، وعلى المدى الطويل، تصدرت الصعوبات النفسية المرتبة الأولى، وتلاها فقدان فرص التعليم والعمل، ثم الانخراط المحتمل في العنف أو التجنيد مجدداً، بالإضافة إلى تراجع الثقة بالأسرة والمجتمع، والعزلة الاجتماعية وتدهور العلاقات.

ويذهب القاضي والباحث القانوني محمد الهتار، وهو معدّ الدراسة، إلى أن تطبيق العدالة الانتقالية في اليمن يواجه صعوبات كبيرة بسبب استمرار النزاع وتعدد مراكز القوى، غير أن القضاء يمكن أن يُسهم في حماية الأطفال عبر إجراءات تمهّد لإنصافهم.

ويقترح الهتار، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تعزيز دور المؤسسات المعنية بحقوق الطفل، وإنشاء لجنة وطنية لتوثيق الانتهاكات وتلقي الشكاوى بآليات آمنة وسريعة، مع زيادة الضغط الأممي لضمان التزام الأطراف بخطط حماية الأطفال وربط الدعم الدولي بمستوى التزامها، وإنشاء إطار تنسيقي يجمع الجهات الرسمية والمنظمات المحلية والدولية لتوحيد الجهود، وتنفيذ برامج للدعم النفسي وجبر الضرر والتوعية.

وبينما تعذّر التواصل مع ممثلي وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة اليمنية للرد على ما ورد في الدراسة، يتوقع الهتار أن تلك الإجراءات المقترحة إلى جانب برامج الدعم النفسي والاجتماعي وجبر الضرر، والتوعية والتثقيف ستمهّد لعدالة انتقالية صديقة للطفل تعزّز الثقة بإمكانية تحقيق الإنصاف ومنع تكرار الانتهاكات.