اعتمد البرنامج السعودي تنفيذ مشروع "طرق العبر" استجابة لمناشدات أطلقها اليمنيون لإنقاذهم من الأخطار اليومية التي سببها الطريق المدمر، مع توقع بتنشيط حركة النقل والتبادل التجاري بين البلدين
مع كل خطوة إنجاز، يترقب اليمنيون إكمال الأعمال الجارية في واحد من أهم المشاريع الحيوية ارتباطاً بحياة ومعيشة ملايين السكان ممثلاً بطريق "العبر" الدولي، الشريان الرابط بين اليمن والسعودية.
وتأتي حال الترقب عقب عقود من المعاناة التي واجهت ملايين المسافرين فيما أطلق عليه "طريق الموت"، جراء الحوادث المرورية المروعة التي راح ضحيتها خلال أعوام مضت المئات من المسافرين.
وعلى رغم حاله المتهالكة فإن العابرين كابدوا شتى أنواع المشقة مُجبرين على السفر عبر الطريق الذي يعد شرياناً حيوياً رئيساً يصل بين البلدين، وتمر خلاله مئات العربات والناقلات على مدار الساعة.
وفي مسعى سعودي لإصلاحه وتحويله إلى شريان يضخ الحياة بين البلدين الجارين، من المتوقع إنجاز المرحلة الثالثة في الطريق الذي يصل طوله نحو 300 كيلومتر خلال عامين، وقد تزيد قليلاً.
وقف الموت
ويوم الجمعة، أعلن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن اقترابه من إنجاز نحو 100 كيلومتر في الطريق الذي يربط ثلاث محافظات رئيسة هي مأرب وحضرموت وشبوة (شرق) ويعد واحداً من أكبر وأهم الخطوط الحيوية داخل البلاد، إضافة إلى كونه المنفذ البري الأكبر بين البلدين. وبحسب البيان، فإن المشروع يأتي "لتحسين البنية التحتية ودعم قطاع النقل في البلاد".
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، فإن الحوادث المرورية المحصاة في هذا الطريق خلال ستة أشهر فحسب بلغت 62 حادثة مرورية نتج منها 31 حالة وفاة و88 إصابة بين بليغة وخفيفة، معظمها على طريق العبر الدولي.
وشمل دعم البرنامج إعادة تأهيل منفذ الوديعة عبر إنشاء مبانٍ جديدة وإعادة تأهيل المباني القائمة وتحسين البنية التحتية بتنفيذ الطرق والساحات والموقع العام وأنظمة المراقبة وتعزيز مصادر المياه والطاقة داخل المنفذ، لتحسين الخدمات المقدمة للمسافرين وتعزيز الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
صدى الاستغاثة
واعتمد البرنامج السعودي تنفيذ هذا المشروع الذي يكلف نحو 36 مليون ريال سعودي (9.6 مليون دولار) استجابة لمناشدات أطلقها اليمنيون لإنقاذهم من الأخطار اليومية التي تسبب فيها الطريق المدمر، جراء حال التقادم الذي بدا عليه وغياب الصيانة بعد عقود من الإهمال والنسيان، إضافة إلى أوضاع الصراع الذي تعيشه البلاد منذ الانقلاب الحوثي على الدولة خلال عام 2014.
وكان السفير السعودي لدى اليمن محمد سعيد آل جابر المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، أكد أن طريق العبر أصبح طريقاً للحياة، مؤكداً أن البرنامج أنجز المرحلة الأولى من إعادة تأهيله.
ويدعم البرنامج قطاع النقل في اليمن بمشاريع ومبادرات تنموية شاملة تخدم مختلف مجالات القطاع من موانئ ومنافذ ومطارات وطرق، أسهمت في تحسين مستوى النقل والبنية التحتية والفرص اللوجيستية والنقل الآمن للأفراد، إضافة إلى تعزيز القدرة على الوصول إلى الخدمات والأسواق للمواطنين وتعزيز الروابط الاجتماعية والحركة التجارية والاقتصادية.
تنشيط تجاري
ووفقاً للبرنامج السعودي، فإن ما نُفذ كان الانتهاء من المرحلة الثانية من المشروع بطول 40 كيلومتراً بين منطقتي الضويبي وغويربان، إلى جانب المرحلة الأولى التي اكتملت خلال مايو (أيار) 2024 بطول 50 كيلومتراً من الضويبي إلى العبر بمحافظة حضرموت، ليصل إجمال ما أنجز نحو 91 كيلومتراً.
ومن المتوقع أن يسهم الطريق في تسهيل حركة الأفراد والبضائع وتعزيز النشاط التجاري، فضلاً عن دوره في دعم حركة النقل الداخلي ووصول المنتجات إلى الأسواق الإقليمية والدولية. ويحتل التبادل التجاري أهمية بارزة بين البلدين في جوانب عدة أبرزها المنتجات الزراعية والأسماك والبهارات والبن التي تصدرها اليمن، فيما تستورد المنتجات الغذائية والكماليات من الأسواق السعودية.
ويعمل البرنامج ضمن سبعة قطاعات أساس وحيوية بالتعاون مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية لرصد حاجات اليمنيين في كل المحافظات، التي على ضوئها تُحدد المشاريع التنموية.
ووفقاً للحكومة اليمنية الشرعية، فإن مشاريع ومبادرات البرنامج السعودي في قطاع النقل والتنمية المختلفة تمثل رافداً من روافد الاقتصاد اليمني، ودعماً للقطاعات الخدمية والحيوية والإنسانية خفف من الآثار المدمرة التي سببها الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.
ويأتي ذلك ضمن أكثر من 265 مشروعاً ومبادرة نفذها البرنامج في ثمانية قطاعات رئيسة منها التعليم والصحة والمياه والطاقة والزراعة، ودعم قدرات الحكومة اليمنية داخل 16 محافظة.